مما سبق نجد أن (كلّ شيء) قد تمّ كتابته، في (أمّ الكتاب)، في عالم اللاشيئية وحينما يحصل في عالم الحياة الدنيا يتمّ كتابته مرّة أخرى، وفي عالم الآخرة يتم استعراض ما تمّ كتابته.
كما أن علمه تعالى بما لم يكن ولو كان كيف سيكون قال تعالى:
1- إذا كان كل شيء مكتوب في (أم الكتاب) فهذا معناه أن حياتنا وأفعالنا محكومة مسبقًا، وكأننا في مسرح تمثيلي لنص مكتوب مسبقًا. فلمَ يتم حسابنا على أفعال قد صُممنا للقيام بها؟؟
والجواب على هذا أن الله تعالى علاّم الغيوب، فما كتبه نتيجة علمه المسبق، ولا يعني هذا أنه قدّر الأفعال على المرء، فما كتبه من باب العلم الكشفي، لا من باب الإلزام. والإنسان له حرّيّة اختيارات، ومهما كان اختياره فهو معلوم لدى الله تعالى، ومكتوب منذ البداية.
2- إذا كان كل شيء مكتوب، فلمَ الملائكة تكتب ثانيةً؟
الجواب: كتابتهم إنما هي للشهادة قال تعالى: "وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ". ق: 21.
فالتقدير للأعمار هنا متوقّف على الرصيد الذي قدّره الخالق تعالى في الحالة الطبيعية، دونما أي معوقّات أو أضرار أو بتوفّر بعض المخترعات التي تحافظ على كفاءة أجهزة الجسم (يُعمّر)، أو هو العُمر المقدّر لكن تعرّضه لمعوّقات أو أضرار (يُنقَص)، وعليه فإن تقدير الإعمار قرآنيًا يمكن التأثير فيه إلى أبعد حدوده أو نقصانه إذا أُخِذ بأسباب التأثر أو النقصان، لكن كل هذا مقدّر يعلمه الله تعالى بسابق علمه. ولا صحّة لمن يرى أن الله تعالى لم يكتب الأشياء قبل حدوثها قال تعالى: "مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرٌ". الحديد: 22. وعليه فإنه من الممكن علميًا أن يُطوّل عمر الفرد، لكن كل هذا يكون معلومًا ومقدّرًا عند الله تعالى.