الجمعة، 26 ديسمبر 2014

دائرة الغيب ودائرة الشهادة في مرحلة "التأزّم الحضاري"

دائرة الغيب ودائرة الشهادة في مرحلة "التأزّم الحضاري"
الديانات في سيرورتها التاريخية تمرّ في مراحل من البدء وحتى التصارع ما بين الغلبة أو التراجع، إلى أن تصل إلى مرحلة "الإكمال" والاستقرار، ثم ما تلبث بعض القطاعات بالنظر إلى النصوص الدينية التي لا تنفك عن الحديث أو الإشارة إلى عالم "الغيب المطلق" الذي ليس من مجال لكشفه إلا بقدر ما تفسح النصوص له، والجدال في أمور هذا النوع من الغيب إنما يكون بعد استكمال النصوص واستقرار الحكم به، وإضعاف شوكة المعتدين، واسترخاء الناس، فيميل الهواةُ إلى فهم النص المتعلق بالغيب بمناهج مختلفة فتظهر عندئذٍ مدارس في فهم النص، فتتباين وجهات النظر، فتظهر بعض صور التنازع أو التشاجر وأحيانًا التكفير والاقتتال. وهذا ما حصل مع الديانات ومن ضمنها -الإسلام- فبعد استقرارها. يصير التفرغ إلى الكلام حول عالم الغيب، والأصل أن تستفرغ القوى والقدرات نحو عالم الشهادة، ففيه تفنى الأعمار والأجيال، ويبقى في هذا المجال متسع.
على أن المصيبة هي أن يعاد دراسة وجهات النظر ذاتها مع اختلاف السياق التاريخي والمصيري للأمة، إذ المجال الأكمل لاستفراغ القدرات والطاقات ينبغي أن يصبّ في اتجاهات أوْلى، لكن إذا ما أعيد إحياء ودراسة تلكم القضايا في غير سياقها التاريخي، فإن هذا يكون مؤشرًا لـ"تأزم معرفي"، إذا ما كانت المرحلة مرحلة "تأخّر حضاري"، لا مرحلة ترف وتحضّر. كما هو واقعنا اليوم.
أما الأعمال والأفعال فهذه هي المقصودة وهي داخلة في "عالم الشهادة"، وفيها يقال: غير كاملة أو أقرب للكمال، ولا ينبغي التفسيق أو التكفير، بل يوجب النقد الأدبي ببيان أوجه النقص أو التناقض بأدلة يعتبرها المنتقَد عليه، فإن اتبع الوجه المطابق للأدلة كان به، وإلا قلنا إنه متبع للهوى ومكابر، وهذه آفة تحكم على صاحبها بعدم الانسجام.
أما إذا اختلفت المنطلقات والأدلة الحاكمة، فبالتأكيد فالنتائج والمُخرجات ستكون متغايرة ومتباينة ولا بأس، ويبقى النقد الأدبي هو سيّد المواقف بينها، وإن لم يكن ثمّة مجال للنقد لعدم وجود الأدلة المعتبرة المشتركة لدى المنتقد عليه، فتبقى الحرية الكاملة له، على أن لا يؤدي بأفعاله إلى عرقلة المجتمع أو إيذائه أو تبديد قواه.
فالأفكار المتباينة على الجملة لها حظ من الاشتراك قد يزيد أو ينقص، ومن هذه النقطة والأرضية المشتركة المعتبرة، ينطلق الحوار والنقد الأدبي، والكلمة العليا تكون دومًا فوق السفلى، والعمل الصالح يرفعه، وأما الزبد فيذهب جفاءً، وما ينفع الناس فيمكثُ في الأرض.


الإنشاء والإبداع

الخلق
الإنشاء
الذرء
التسوية
التعديل
الفطر
الجعل
الإبداع

السبت، 22 نوفمبر 2014

الخلق من "اللاشيء"

الخلق من "اللاشيء"
يتحدد مفهوم الخلق قرآنيًا بحسب سياق الآية الوارد فيها اللفظ. وإن كان الأصل "الخلق" في اللغة يعود على معنى التقدير. فمثلاً قوله تعالى: "وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا". الفرقان: 2. فـ"الخلق" هاهنا لا يعني التقدير.
 عند التأمل في القرآن الكريم نجد أنه قد ورد فيما يتعلّق بخلق الإنسان أو الجنّ مركّب [خلق من]:
 - خلق الإنسان:
خلق من تراب، من ماء، من الماء، من طين، من سلالة من طين، من طين لازب، من صلصال، من نطفة، من نطفة أمشاج، من ماء مهين، من ماء دافق، من علق.
-  خلق الجانّ:
من مارج، من نار، من نار السموم.
فالملاحظ أن خلق الإنسان والجانّ يعتمد على مكوّنات أساسية (أشياء مخلوقة)، الماء + التراب لخلق الإنسان، والنار لخلق الجانّ.
يأتي السؤال: كيف تمّ خلق هذه المكوّنات الأساسية؟
والإجابة القرآنية هي: من "اللاشيء".
قال تعالى: "قَالَ كَذَٰلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا". مريم: 9. وقال: "أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا". مريم: 67.

لكن قوله تعالى: "أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ"؟!. الطور: 35.
ففي هذه الآية دليل على أن خلق الإنسان قائم على "شيء"، وهذا الشيء هو الماء والتراب. وهم مخلوقات(*). ولا بدّ أنها خُلقتْ من "لاشيء". فالمحصلّة هي أن الإنسان مرّ في مرحلة "اللاشيئية" وليس العدم كما هو السائد، ثم مرّ إلى مرحلة "الشيئية".
إذ ثمّة فرق بين "اللاشيء" و"العدم"، فالشيء هو الحادث والمحدود والممكن الوجود أو موجود بالفعل، لكن "العدم" هو شيء كان موجودًا فانعدم، أما "اللاشيء" فهو نقيض "الشيء". فالخلق قرآنيًا إنما هو من "لاشيء" لا من "العدم".
أما قوله تعالى: "فَتَبَارَكَ اللَّـهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ". المؤمنون: 14.
فإن مجال الآية الكريمة جاء في تقرير أن الله تعالى أحسن المقدّرين، والمقدّرون دونه تعالى كُثر، فهم خالقون بمعنى "مقدّرين" لكنه تعالى هو أحسنهم. وللسياق سلطة على المعنى كما هو معلوم.
لقد جاء التحدّي بالإتيان بخلقٍ ما من "اللاشيء". قال تعالى: "أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ". الواقعة: 59.
وجعل هذا المدخل أساسًا لنسف مبدأ اتخاذ شركاء لـ "الخالق" تعالى قال تعالى: "أَمْ جَعَلُوا لِلَّـهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّـهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ". الرعد: 16. فعلى من يدّعى أنه شريك لله تعالى أن يخلقَ "كخلق" الله تعالى وهذا مُحال. وعليه فإن هذا المدعي لا استحقاق له فيما يزعم.
أما قوله تعالى: "إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّـهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ". آل عمران: 59.
فالآية تقاربُ بين خلق آدم وخلق عيسى عليهما السلام، فآدم كما هو واضح خُلق من تراب، والمراحل التي بيّنتها باقي الآيات في سور القرآن الكريم، أما خلق عيسى فخلقه لم يكن من تراب، إنما تكوّن حملاً في رحِم أمّه مريم عليها السلام قال تعالى: "فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا * فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَـٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا". مريم: 22-23.
فعيسى عليه مرّ في مرحلة جنينية، وقفز عن مرحلة الترابية والطينية والصلصالية، فهو كخلقنا نحن، لكن الفارق الوحيد هو أنه من غير وجود الأب.
ووجهة المقاربة هو أن خلق آدم وعيسى عليهما قد توجهّت الإرادة الإلهية لخلقهما على نحو غير مسبوق، فآدم خُلق على نحو جديد من غير والديْن. قال تعالى: "إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ". ص: 71، وقال تعالى: "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ". الحجر: 28. "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ". الحجر: 26.
وعيسى عليه السلام خُلق على نحو غير مسبوق قال تعالى: "قَالَتْ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَٰلِكِ اللَّـهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ". آل عمران: 47.
لذا فإن مركب [كُن فيكون] لا يعني اللا مراحلية ولا اللازمن فآدم وعيسى عليهما السلام مرّوا في مراحلة خلقيّة قضت أزمانًا معيّنة. ومعنى هذا المركّب أن الإرادة الإلهية تتوجه نحو موجود غير مسبوق(**). قال تعالى: "إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ". النحل: 40.

بوركتم جميعًا
ولكلّ مجتهدٍ نصيبٌ

-------
(*)
الماء والتراب أشياء: [خالق كل شيء]: قال تعالى: "اللَّـهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ". الزمر: 62. وانظر أيضًا: الأنعام: 102، الرعد: 16، غافر: 62.
(**)  
جزء من كتابي [نظرية الذي خلق].


الثلاثاء، 4 نوفمبر 2014

نظرات في علم الحديث الاقتصار على القرآن وحده..منع كتابة الروايات

إشكالية الاقتصار على القرآن الكريم وحده
   يرى البعض أن على المؤمن أن يأخذ بالقرآن الكريم "وحده" فهو يكفيه، ولا ينقصه شيء إذا اقتصر عليه، والإشكال هو أن هذا المنهج قرآنيًا مخالف لذاته لما يأتي:
أولاً: القرآن الكريم أشار إلى أنّ الله تعالى قد أنزل على الرسول النبي صلى الله عليه وآله وسلم "الكتاب" و"الحكمة".

قال تعالى:
"وَأَنزَلَ اللَّـهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَ الْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّـهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا". النساء: 113.

ثانيًا:قد أمر جموع المؤمنين المعاصرين له بذكر ما أنزل الله تعالى من "كتاب" و"حكمة".

قال تعالى:

"
وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنَ الْكِتَابِ وَ الْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُوا اللَّـهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ". البقرة: 231.

وكذلك أمر أمّهات المؤمنين رضوان الله عليهنّ:

قال تعالى:

"
وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَىٰ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّـهِ وَ الْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا". الأحزاب: 34.

ثالثًا: الرسول النبي صلى الله عليه وآله وسلم مبعوث ليتلوَ آيات الله تعالى وتزكية المؤمنين وتعليم "الكتاب" و"الحكمة".

قال تعالى:
"هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ". الجمعة: 2.
رابعًا: المنهج "النبوي" الذي سار عليه صلى الله عليه وآله وسلم يعتبر [أسوة] قال تعالى:

"
لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا". الأحزاب: 21.

"
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّـهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ". الممتحنة: 6.

خامسًا: من يرى الاقتصار على القرآن الكريم دون ما ثبت عن الرسول النبي صلى الله عليه وآله وسلم حاله كحال الذي يقول [حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا]، قال تعالى:
"وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّـهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ". المائدة: 104.
لذا فعلى المؤمن أن يأخذ بالروايات التي تطابق أو توافق المقاصد القرآنية، وليس من العدل والمنطق القرآني الاقتصار على القرآن بدعوى وجود الروايات المكذوبة والموضوعة، بل على المؤمن أن يشمّر عن ساعد الجدّ، فيأخذ من الروايات ما وافق القرآن الكريم وإلا ناقض في مقصوده مقاصد القرآن الكريم ذاته.

إشكالية منع تدوين الروايات

منع الرسول النبي صلى الله عليه وآله وسلم كتابة الروايات..لكنّه حثّ على تبليغ أقواله ووصاياه. كما في الرواية: "نضّر الله امرءًا سمع مقالتي فوعاها فبلّغها كما سمعها."(*)..
فثمّة فرق بين منع الكتابة ومنع التبليغ، فالكتابة تمّ منعها من خلال قراءاتي لسبب رئيس وهو حتى لا تكون الروايات ذات مرجعية اعتبارية تتقدّم أو تنازع القرآن الكريم،قبل أن يُقضى وحيُه. أو لأسباب أخرى ذكرها العلماء بهذا الصدد. أما تبليغ الرواية عنه فهي مرغّب بها بشرط الرواية كما سمعها الراوي، والرواية عن "وعي" وفهم. أما الكذب فهو حرام بلا مثنوية.
ومن الأدلة على ضرورة نقل الروايات عن الرسول النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتبليغها :
قوله تعالى:
"وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُوا اللَّـهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ". البقرة: 231.

وكذلك أمر أمّهات المؤمنين رضوان الله عليهنّ:
قوله تعالى:
"وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَىٰ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّـهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا". الأحزاب: 34.

إذ فرّقت الآيات بين "الكتاب" وبين "الحكمة". إذ أفادت "الواو" المغايرة، ومما يؤيّد هذا قوله تعالى:
"وَأَنزَلَ اللَّـهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَ الْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّـهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا". النساء: 113.

بوركتم جميعًا

ولكلّ مجتهدٍ نصيبٌ

------------
(*)
انظر تخريج الحديث في الرابط الآتي: 
http://library.islamweb.net/hadith/hadithServices.php?type=1&cid=206&sid=5079


نظرات في علم الحديث الاقتصار على القرآن وحده..منع كتابة الروايات

إشكالية الاقتصار على القرآن الكريم وحده
   يرى البعض أن على المؤمن أن يأخذ بالقرآن الكريم "وحده" فهو يكفيه، ولا ينقصه شيء إذا اقتصر عليه، والإشكال هو أن هذا المنهج قرآنيًا مخالف لذاته لما يأتي:
أولاً: القرآن الكريم أشار إلى أنّ الله تعالى قد أنزل على الرسول النبي صلى الله عليه وآله وسلم "الكتاب" و"الحكمة".

قال تعالى:
"وَأَنزَلَ اللَّـهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَ الْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّـهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا". النساء: 113.

ثانيًا:قد أمر جموع المؤمنين المعاصرين له بذكر ما أنزل الله تعالى من "كتاب" و"حكمة".

قال تعالى:

"
وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنَ الْكِتَابِ وَ الْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُوا اللَّـهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ". البقرة: 231.

وكذلك أمر أمّهات المؤمنين رضوان الله عليهنّ:

قال تعالى:

"
وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَىٰ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّـهِ وَ الْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا". الأحزاب: 34.

ثالثًا: الرسول النبي صلى الله عليه وآله وسلم مبعوث ليتلوَ آيات الله تعالى وتزكية المؤمنين وتعليم "الكتاب" و"الحكمة".

قال تعالى:
"هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ". الجمعة: 2.
رابعًا: المنهج "النبوي" الذي سار عليه صلى الله عليه وآله وسلم يعتبر [أسوة] قال تعالى:

"
لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا". الأحزاب: 21.

"
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّـهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ". الممتحنة: 6.

خامسًا: من يرى الاقتصار على القرآن الكريم دون ما ثبت عن الرسول النبي صلى الله عليه وآله وسلم حاله كحال الذي يقول [حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا]، قال تعالى:
"وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّـهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ". المائدة: 104.
لذا فعلى المؤمن أن يأخذ بالروايات التي تطابق أو توافق المقاصد القرآنية، وليس من العدل والمنطق القرآني الاقتصار على القرآن بدعوى وجود الروايات المكذوبة والموضوعة، بل على المؤمن أن يشمّر عن ساعد الجدّ، فيأخذ من الروايات ما وافق القرآن الكريم وإلا ناقض في مقصوده مقاصد القرآن الكريم ذاته.

إشكالية منع تدوين الروايات

منع الرسول النبي صلى الله عليه وآله وسلم كتابة الروايات..لكنّه حثّ على تبليغ أقواله ووصاياه. كما في الرواية: "نضّر الله امرءًا سمع مقالتي فوعاها فبلّغها كما سمعها."(*)..
فثمّة فرق بين منع الكتابة ومنع التبليغ، فالكتابة تمّ منعها من خلال قراءاتي لسبب رئيس وهو حتى لا تكون الروايات ذات مرجعية اعتبارية تتقدّم أو تنازع القرآن الكريم،قبل أن يُقضى وحيُه. أو لأسباب أخرى ذكرها العلماء بهذا الصدد. أما تبليغ الرواية عنه فهي مرغّب بها بشرط الرواية كما سمعها الراوي، والرواية عن "وعي" وفهم. أما الكذب فهو حرام بلا مثنوية.
ومن الأدلة على ضرورة نقل الروايات عن الرسول النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتبليغها :
قوله تعالى:
"وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُوا اللَّـهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ". البقرة: 231.

وكذلك أمر أمّهات المؤمنين رضوان الله عليهنّ:
قوله تعالى:
"وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَىٰ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّـهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا". الأحزاب: 34.

إذ فرّقت الآيات بين "الكتاب" وبين "الحكمة". إذ أفادت "الواو" المغايرة، ومما يؤيّد هذا قوله تعالى:
"وَأَنزَلَ اللَّـهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَ الْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّـهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا". النساء: 113.

بوركتم جميعًا

ولكلّ مجتهدٍ نصيبٌ

------------
(*)
انظر تخريج الحديث في الرابط الآتي: 
http://library.islamweb.net/hadith/hadithServices.php?type=1&cid=206&sid=5079


الأحد، 2 نوفمبر 2014

خمسة عشر مقصدًا قرآنيًا

خمسة عشر مقصدًا قرآنيًا
ورد في القرآن الكريم بعد الاستقراء ستة عشر مقصدًا، والضابط لها هو ورودها بعد حرف الترجّي "لعلّ" أو الاستفهام الاستنكاري "أفلا"، والمقاصد القرآنية هي كالآتي:
التقوى، الشكر، الهداية، التعقّل، التفكّر، التفقّه، الرشاد، الفلاح، التذكّر، الرحمة، التضرّع، الرجوع، الإيمان، اليقين، التسليم.
وهذه المقاصد دلّل عليها الكتاب العزيز من خلال الأوامر والنواهي أو من خلال الامتنانات والخيرات، أو الإرشادات والتنبيهات.وقد يكون بعض المقاصد داخل في بعض.
التقوى <== الفلاح.التقوى <== الرحمة.وقد يكون أحد القيَم داخلاً في أحد المقاصد: 
العدل <== التذكّر.
والعبادات الشعائرية إنما هي لتحصيل المقاصد القرآنية الآتية:
التقوى والفلاح، والتذكّر، والرحمة.
المقاصد الستّة عشر هي بالتفصيل على النحو الآتي:
·      التقوى
تتقون: (19) مرّة:
- عبادة الله: ﴿البقرة: ٢١﴾، ﴿الأعراف: ٦٥﴾، ﴿المؤمنون: ٢٣﴾، ﴿المؤمنون: ٣٢﴾.
-     القصاص: ﴿البقرة: ١٧٩﴾.    - الصيام: ﴿البقرة: ١٨٣﴾.    - اتّباع السبيل: ﴿الأنعام: ١٥٣﴾.
·      الشكر
تشكرون: (19) مرّة: 
 التيسير في العبادات: في الصيام: ﴿البقرة: ١٨٥﴾، في الوضوء: ﴿المائدة: ٦﴾، 
 - النصر: ﴿آل عمران: ١٢٣﴾، ﴿الأنفال: ٢٦﴾. - تبيان الأحكام: في كفارة اليمين: ﴿المائدة: ٨٩﴾. 
 - تسخير ما في الأرض: ﴿النحل: ١٤﴾، ﴿النحل: ٧٨﴾، البُدن: ﴿الحج: ٣٦﴾، ﴿القصص: ٧٣﴾، ﴿الروم: ٤٦﴾، ﴿السجدة: ٩﴾، ﴿فاطر: ١٢﴾، ﴿الجاثية: ١٢﴾، ﴿الواقعة: ٧٠﴾، ﴿الملك: ٢٣﴾.
·      الهداية
 تهتدون: (6) مرّات:
-  
 إتمام النعمة: تولية الوجه شطر القبلة ﴿البقرة: ١٥٠﴾، الاعتصام بحبل الله ﴿آل عمران: ١٠٣﴾.  - الإيمان بالله ورسوله: ﴿الأعراف: ١٥٨﴾.   - الامتنان بمهد الأرض: ﴿النحل: ١٥﴾، ﴿الزخرف: ١٠﴾.
·      التعقّل
 تعقلون: (24) مرّة:  - تبيان الأحكام: أحكام الطلاق: ﴿البقرة: ٢٤٢﴾، التحذير من اتخاذ البطانة: ﴿آل عمران: ١١٨﴾، جواز الأكل في بيوت الآخرين: ﴿النور: ٦١﴾.  - عدم الاغترار بالدنيا: ﴿الأنعام: ٣٢﴾، الآخرة خير: ﴿الأعراف: ١٦٩﴾، ﴿يوسف: ١٠٩﴾، ﴿لقصص: ٦٠﴾، 
-  
 بيان المحرّمات: ﴿الأنعام: ١٥١﴾، 
  - حجّة في صدق الرسول: مكثَ من قبل الرسالة في أهله مدّة: ﴿يونس: ١٦﴾، 
  - وضوح القرآن: ﴿يوسف: ٢﴾، ﴿الزخرف: ٣﴾، فيه ذكركم: ﴿الأنبياء: ١٠﴾، 
-  
 الآيات والبراهين: إحياء الموتى واختلاف الليل والنهار: ﴿المؤمنون: ٨٠﴾، مراحل الإنسان: ﴿غافر: ٦٧﴾، إحياء الأرض بعد موتها: ﴿الحديد: ١٧﴾.  - عدم اتباع الشيطان: ﴿يس: ٦٢﴾. 
-  
 الاتعاظ من الأمم السابقة: ﴿الصافات: ١٣٨﴾.
·      التفكّر
تتفكّرون: (3) مرّات:
-  
 بيان تحريم الخمر والمسير وطرق الإنفاق: ﴿البقرة: ٢١٩﴾.
 -  
ضرب مثل فيمن كان له جنات فأصابها إعصار: ﴿البقرة: ٢٦٦﴾.
 -  التدليل على بشرية الرسول: وعدم استواء الأعمى والبصير ﴿الأنعام: ٥٠﴾.
·      التفقّه
يفقهون: (13) مرّة:  - القدرة على التعذيب وتصريف الآيات: ﴿الأنعام: ٦٥﴾. 
  - تفصيل الآيات: الإنشاء من نفس واحدة: ﴿الأنعام: ٩٨﴾.

·      الرشاد
يرشدون: (1) مرّة:
 -  
الاستجابة والإيمان بالله تعالى: ﴿البقرة: ١٨٦﴾.
·      الفلاح
تفلحون: (11) مرّة:- تقوى الله: إتيان البيوت من أبوابها: ﴿البقرة: ١٨٩﴾، عدم أكل الربا: ﴿آل عمران: ١٣٠﴾، الصبر والمصابرة: ﴿آل عمران: ٢٠٠﴾، عدم استواء الطيب والخبيث: ﴿المائدة: ١٠٠﴾. 
 -  
الجهاد في سبيل الله: ﴿المائدة: ٣٥﴾. الثبات وذكر الله: ﴿الأنفال: ٤٥﴾. 
-  
 اجتناب الخمر والميسر: ﴿المائدة: ٩٠﴾. - الركوع والسجود والعبادة وفعل الخير: ﴿الحج: ٧٧﴾.
 -  
الغض من الأبصار وحفظ الفروج والتوبة: ﴿النور: ٣١﴾.
-  
 السعي إلى الرزق وذكر الله :﴿الجمعة: ١٠﴾.
·      التّذكّر
يتذكّرون: (7) مرّات:
-  
 تبيان الآيات: عدم نكاح المشركات: ﴿البقرة: ٢٢١﴾.
 -   
ضرب الأمثال: الكلمة الطيبة: ﴿ابراهيم: ٢٥﴾، ﴿الزمر: ٢٧﴾.   - تيسير القرآن بلسان الرسول: ﴿الدخان: ٥٨﴾.
·      التذكّر
تذكّرون: (16) مرّة:  - العدل: عدم الاقتراب من مال اليتامى: ﴿الأنعام: ١٥٢﴾، الأمر بالعدل والإحسان والنهي عن الفحشاء والمنكر: ﴿النحل: ١٧﴾.
-  
 اتباع ما أنزل الله تعالى: ﴿الأعراف: ٣﴾.  - إخراج النبات كدليل لإخراج الموتى: ﴿الأعراف: ٥٧﴾.  عباد الله تعالى الخالق: ﴿يونس: ٣﴾. - المقارنات الباطلة: عدم استواء الأعمى والبصير: ﴿هود: ٢٤﴾، عدم استواء الخالق والمخلوق: ﴿النحل: ١٧﴾، ﴿المؤمنون: ٨٥﴾، ﴿النمل: ٦٢﴾.- إنزال الآيات البيّنات: ﴿النور: ١﴾. 
- عدم دخول بيوت الآخرين: ﴿النور: ٢٧﴾.
  
·      الرحمة
ترحمون: (8) مرّات:
 -  
طاعة الله تعالى ورسوله: ﴿آل عمران: ١٣٢﴾.
 -  
تقوى الله تعالى: اتباع القرآن: ﴿الأنعام: ١٥٥﴾، اتباع الرسول: ﴿الأعراف: ٦٣﴾، تقوى الله فيما بين الأيدي وما خلفها: ﴿يس: ٤٥﴾، الإصلاح بين الإخوة.
 -  
الاستماع إلى القرآن: ﴿الأعراف: ٢٠٤﴾.
-  
 إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة: ﴿النور: ٥٦﴾.
 -  
الاستغفار: ﴿النمل: ٤٦﴾.
·      التضرّع:
يتضرّعون: (2) مرّة: - الأخذ بالبأساء والضراء: ﴿الأنعام: ٤٢﴾.
·      الرجوع
يرجعون: (22) مرّة:  - تفصيل الآيات: ﴿الأعراف: ١٧٤﴾.  - عقوبات: يذيقهم بعض ما عملوا: ﴿الروم: ٤١﴾، العذاب الأدنى: ﴿السجدة: ٢١﴾، الأخذ بالعذاب: ﴿الزخرف: ٤٨﴾.  - تصريف الآيات والتهديد: ﴿الأحقاف: ٢٧﴾.
·      الإيمان
يؤمنون: (87) مرّة:
 -  
التنوّع في الثمرات: من آيات الله تعالى: ﴿الأنعام: ٩٩﴾.
-  
 لقاء الله تعالى: ﴿الأنعام: ١٥٤﴾.
·      اليقين
توقنون: (1) مرّة:
 -  
لقاء الله تعالى: ﴿الرعد: ٢﴾.
·      التسليم
تسلمون: (1) مرّة واحدة: إتمام النعمة: ﴿النحل: ٨١﴾.

بوركتم جميعًا
ولكلّ مجتهدٍ نصيبٌ