إشكالية الاقتصار على القرآن
الكريم وحده
يرى البعض أن على المؤمن أن يأخذ بالقرآن الكريم "وحده"
فهو يكفيه، ولا ينقصه شيء إذا اقتصر عليه، والإشكال هو أن هذا المنهج قرآنيًا
مخالف لذاته لما يأتي:
أولاً: القرآن الكريم أشار إلى أنّ الله تعالى قد أنزل على الرسول
النبي صلى الله عليه وآله وسلم "الكتاب" و"الحكمة".
قال تعالى:
"وَأَنزَلَ اللَّـهُ عَلَيْكَ
الْكِتَابَ وَ الْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ
اللَّـهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا". النساء: 113.
ثانيًا:قد أمر جموع المؤمنين المعاصرين له بذكر ما أنزل الله تعالى من "كتاب" و"حكمة".
قال تعالى:
"وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنَ الْكِتَابِ وَ الْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُوا اللَّـهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ". البقرة: 231.
وكذلك أمر أمّهات المؤمنين رضوان الله عليهنّ:
قال تعالى:
"وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَىٰ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّـهِ وَ الْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا". الأحزاب: 34.
ثالثًا: الرسول النبي صلى الله عليه وآله وسلم مبعوث ليتلوَ آيات الله تعالى وتزكية المؤمنين وتعليم "الكتاب" و"الحكمة".
قال تعالى:
"هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ
يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ
وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ". الجمعة: 2.
رابعًا: المنهج
"النبوي" الذي سار عليه صلى الله عليه وآله وسلم يعتبر [أسوة] قال تعالى:
"لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا". الأحزاب: 21.
"لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّـهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ". الممتحنة: 6.
خامسًا: من يرى الاقتصار
على القرآن الكريم دون ما ثبت عن الرسول النبي صلى الله عليه وآله وسلم حاله كحال
الذي يقول [حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا]، قال تعالى:
"وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّـهُ
وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ
كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ". المائدة: 104.
لذا
فعلى المؤمن أن يأخذ بالروايات التي تطابق أو توافق المقاصد القرآنية، وليس من
العدل والمنطق القرآني الاقتصار على القرآن بدعوى وجود الروايات المكذوبة
والموضوعة، بل على المؤمن أن يشمّر عن ساعد الجدّ، فيأخذ من الروايات ما وافق
القرآن الكريم وإلا ناقض في مقصوده مقاصد القرآن الكريم ذاته.
إشكالية منع تدوين
الروايات
منع
الرسول النبي صلى الله عليه وآله وسلم كتابة الروايات..لكنّه حثّ على تبليغ أقواله
ووصاياه. كما في الرواية: "نضّر الله امرءًا سمع مقالتي فوعاها فبلّغها كما
سمعها."(*)..
فثمّة
فرق بين منع الكتابة ومنع التبليغ، فالكتابة تمّ منعها من خلال قراءاتي لسبب رئيس
وهو حتى لا تكون الروايات ذات مرجعية اعتبارية تتقدّم أو تنازع القرآن الكريم،قبل
أن يُقضى وحيُه. أو لأسباب أخرى ذكرها العلماء بهذا الصدد. أما تبليغ الرواية عنه
فهي مرغّب بها بشرط الرواية كما سمعها الراوي، والرواية عن "وعي" وفهم.
أما الكذب فهو حرام بلا مثنوية.
ومن
الأدلة على ضرورة نقل الروايات عن الرسول النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتبليغها :
قوله تعالى:
"وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُم
مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُوا اللَّـهَ وَاعْلَمُوا
أَنَّ اللَّـهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ". البقرة: 231.
وكذلك أمر أمّهات المؤمنين رضوان الله عليهنّ:
قوله تعالى:
"وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَىٰ
فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّـهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ
لَطِيفًا خَبِيرًا". الأحزاب: 34.
إذ فرّقت الآيات بين "الكتاب" وبين "الحكمة". إذ أفادت "الواو" المغايرة، ومما يؤيّد هذا قوله تعالى:
"وَأَنزَلَ اللَّـهُ
عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَ الْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ
اللَّـهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا". النساء: 113.
بوركتم جميعًا
ولكلّ مجتهدٍ نصيبٌ
------------
(*) انظر تخريج الحديث في الرابط الآتي:
http://library.islamweb.net/hadith/hadithServices.php?type=1&cid=206&sid=5079
(*) انظر تخريج الحديث في الرابط الآتي:
http://library.islamweb.net/hadith/hadithServices.php?type=1&cid=206&sid=5079
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق