السبت، 27 سبتمبر 2014

مراحل الجنين في القرآن

مراحل خلق الجنين في القرآن الكريم

أودّ أن أقول إن ما جاء وصفه في القرآن الكريم فيما يخص أطوار خلق الجنين، لا يعدو أن يكون وصفًا معرفيًا يناسب السقف المعرفي للمثقف وقت التنزيل، وبهذا لا مكان لمن يرى في ذلك الوصف سبقًا علميًا أو "إعجازًا". 
فوصف القرآن الكريم خلق الإنسان من تراب من حيث أصله الأول:
1- التراب:
  1. "إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّـهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَ‌ابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ". آل عمران: 59.
  2. "قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُ‌هُ أَكَفَرْ‌تَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَ‌ابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَ‌جُلًا". الكهف: 37.
  3. "وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَ‌ابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُ‌وا بِرَ‌بِّهِمْ وَأُولَـٰئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ‌ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ". الرعد: 5. 
  4. " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَ‌يْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَ‌ابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ‌ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ‌ فِي الْأَرْ‌حَامِ مَا نَشَاءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِ‌جُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُم مَّن يُرَ‌دُّ إِلَىٰ أَرْ‌ذَلِ الْعُمُرِ‌ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَ‌ى الْأَرْ‌ضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَ‌بَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ". الحج: 5. 
  5. أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَ‌ابًا وَعِظَامًا أَنَّكُم مُّخْرَ‌جُونَ". المؤمنون: 35.
  6. "قَالُوا أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَ‌ابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ". المؤمنون: 82.
  7. "وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُ‌وا أَإِذَا كُنَّا تُرَ‌ابًا وَآبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَ‌جُونَ". النمل:67.
  8. "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَ‌ابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ‌ تَنتَشِرُ‌ونَ". الروم:20.
  9. "وَاللَّـهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَ‌ابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَىٰ وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ‌ مِن مُّعَمَّرٍ‌ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِ‌هِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرٌ‌". فاطر:11.
  10. "أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَ‌ابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ". الصافات:16.
  11. "أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَ‌ابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ".الصافات:53.
  12.  "هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَ‌ابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِ‌جُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ". غافر:67. 
  13. "أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَ‌ابًا ذَٰلِكَ رَ‌جْعٌ بَعِيدٌ". ق:3.
  14. "كَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَ‌ابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ". الواقعة: 47. 
  15. "إِنَّا أَنذَرْ‌نَاكُمْ عَذَابًا قَرِ‌يبًا يَوْمَ يَنظُرُ‌ الْمَرْ‌ءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ‌ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَ‌ابًا". النبإ: 40. 
  2- النطفة: معناه؛ نُدُوَّة وبَلَل (مقاييس اللغة)، وهي الماء القليل يَبقى في القِربة (لسان العرب). وهذا يعرفه كل أحد من خلال الملاحظة. وهو سائل يخرج من عضو الذكر بفعل الاحتلام أو الجماع أو الاستنماء. وهو مقدر (يُمنى) يدلُّ على تقديرِ شيءٍ ونفاذِ القضاءِ به، ويمنى أي يراق، ويمنى المني.
  1. "خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ". النحل:4. 
  2. "قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُ‌هُ أَكَفَرْ‌تَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَ‌ابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَ‌جُلًا". الكهف:37.
  3. "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَ‌يْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَ‌ابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ‌ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ‌ فِي الْأَرْ‌حَامِ مَا نَشَاءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِ‌جُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُم مَّن يُرَ‌دُّ إِلَىٰ أَرْ‌ذَلِ الْعُمُرِ‌ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَ‌ى الْأَرْ‌ضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَ‌بَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ". الحج:5.
  4. "ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَ‌ارٍ‌ مَّكِينٍ". المؤمنون:13.
  5. "ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ‌ فَتَبَارَ‌كَ اللَّـهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ". المؤمنون:14.
  6. "وَاللَّـهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَ‌ابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَىٰ وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ‌ مِن مُّعَمَّرٍ‌ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِ‌هِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرٌ‌". فاطر:11.
  7. "أَوَلَمْ يَرَ‌ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ". يس:77.
  8. "هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَ‌ابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِ‌جُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ". غافر:67.
  9. "مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَىٰ". النجم:46.
  10. "أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَىٰ". القيامة:37.
  11. "إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرً‌ا". الانسان:2. النطفة الأمشاج المختلطة، وهو كل شيئين مختلطين، فالسائل في هذه الآية مختلط مع شيء آخر. وهذا غير مرئي. وهنا الكلام عن اختلاط ماء الرجل مع ماء المرأة.
  12. "مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَ‌هُ". عبس:19. 

 ماء الرجل معلوم قال تعالى: " أَفَرَ‌أَيْتُم مَّا تُمْنُونَ * أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ". الواقعة: 58-59. فهو ملاحظ، وهو بحسب الآية مخلوق، وهو أصل الإنسان،  وبالمناسبة الرجل ينزل عدة أنواع من الماء، كالمذي، أما المني فلم يكن يعرف الناس أن هذا الماء فيه حيوانات منوية بأعداد كبيرة بالتأكيد، بل يعرفون أنه سائل له لون وكثافة ورائحة ويطلقون عليه اسم، وله دور ووظيفة في عملية التناسل. أما ماء المرأة، فهم يعرفون الماء المرأة الذي ينزل أثناء الجماع أو التفكير به، وهذا يمكن ملاحظته بسهولة، لكن ليس هو الماء المقصود بالبُييْضة بالتأكيد،  ولا هو الماء الخارج من فرجها. إذ لم يكن الناس آنذاك  علمٌ بالبوييْضة ولا بسائلها.
الماء المتعلق في الخلق:
  1. "وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ". الأنبياء:30.
  2. "وَاللَّـهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِّن مَّاءٍ". النور: 45.
  3. "وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرً‌ا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرً‌ا وَكَانَ رَ‌بُّكَ قَدِيرً‌ا". الفرقان: 54.
  4. "ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ". السجدة: 8.  
  5. "أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ". المرسلات: 20.
  6.  "فَلْيَنظُرِ‌ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ * يَخْرُ‌جُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَ‌ائِبِ". الطارق: 5-7.


   3- العلقة:
 والتعلق هو ان يناط الشَّيء بالشيء العالي(مقاييس اللغة)، وهذا الوصف لا يعلمه إلا النساء، حينما تعلم المرأة أن دورتها انقطعت فقد "تعلّق"، وإذا سقط الجنين في أيامه الأولى فهو يكون علق، وكل دم غليظ عَلَقٌ (لسان العرب). وهذا يعرف بالملاحظة عند انقطاع الحيض أو عند سقوط الجنين على هيئة دم غليظ.

  1. "ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ‌ فَتَبَارَ‌كَ اللَّـهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ".المؤمنون:14.
  2. "هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَ‌ابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِ‌جُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ". غافر:67.
  3. "ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّىٰ". القيامة:38.
  4. "خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ". العلق:2.  العلق هنا من التعلّق بالأشياء وهي صفة من صفات الإنسان لا مرحلة من مراحل تخليقه، كقوله تعالى: " خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِ‌يكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ". الأنبياء:37.
  5. "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَ‌يْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَ‌ابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ‌ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ‌ فِي الْأَرْ‌حَامِ مَا نَشَاءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِ‌جُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُم مَّن يُرَ‌دُّ إِلَىٰ أَرْ‌ذَلِ الْعُمُرِ‌ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَ‌ى الْأَرْ‌ضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَ‌بَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ". الحج:5. 
4- مضغة:
"ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ‌ فَتَبَارَ‌كَ اللَّـهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ". المؤمنون:14.
 والمَضْغة قطعةُ لحم والتشبيه لللصغر والقلة، وهي مرحلة يصير السائل القليل (نطفة) ثم يصير دمًا غليظًا (علقة) ثم يصير هنا (مضغة) قطعة صغيرة من اللحم. 
وهذه القطعة اللحمية قسمان: الأول: قسم يتشكّل منه الإنسان. الثاني: قسم يستمد منه الإنسان غذاءه، فالأول مخلّقة، والثاني غير مخلّقة.
وهنا تبدأ المراحل التي لم يكن الناس يعلمونها.
أ- مضغة مخلقة:

"أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَ‌يْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَ‌ابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ‌ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ‌ فِي الْأَرْ‌حَامِ مَا نَشَاءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِ‌جُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُم مَّن يُرَ‌دُّ إِلَىٰ أَرْ‌ذَلِ الْعُمُرِ‌ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَ‌ى الْأَرْ‌ضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَ‌بَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ".الحج:5.


ب- مضغة غير مخلقة:
 
"أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَ‌يْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَ‌ابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ‌ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ‌ فِي الْأَرْ‌حَامِ مَا نَشَاءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِ‌جُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُم مَّن يُرَ‌دُّ إِلَىٰ أَرْ‌ذَلِ الْعُمُرِ‌ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَ‌ى الْأَرْ‌ضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَ‌بَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ".الحج:5.

5- العظام:
"وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ‌ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّـهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ‌". البقرة: 259.
"ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ‌ فَتَبَارَ‌كَ اللَّـهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ". المؤمنون:14.
 
 6- اللحم:
"وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ‌ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّـهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ‌". البقرة: 259.
"ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ‌ فَتَبَارَ‌كَ اللَّـهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ". المؤمنون:14.
 
7- خلقًا آخَر:
 
 "ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ‌ فَتَبَارَ‌كَ اللَّـهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ". المؤمنون:14.
 
وهذا الخلق الآخر بالتأكيد تطور للجنين في داخل الرحم وليس بعد الخروج منه، وهي مرحلة توصف الجنين بالانتقال إلى خلق مغاير، دلّ عليه حرف "ثمّ" الذي يدل على الترتيب مع المهلة والتراخي. وهذه المرحلة لم يكن الناس يعلمونها.
لكن لا بدّ لي من القول إن النساء اللاتي يسقط جنينهنّ في مراحل متقدمة، يلاحظن تكوّن الجنين بحسب المرحلة التي وصل إليها، كما أن النساء اللاتي يعملن في مجال التوليد آنذاك يعرفن بعض تفاصيل تلكم المراحل، كما أن الأطباء أو الحكماء يعرفونها، ومع هذا فإن آيات خلق الإنسان في القرآن الكريم لا ينبغي أن يثار حولها مقالات الإعجاز والسّبقية، بل هي آيات فيها الدعوة إلى تواضع الإنسان، والدعوة إلى التفكّر والتوسّع في علم الأجنّة، ودعوة إلى الإقرار بعظمة الخالق الذي هو أحسن الخالقين في إشارة إلى أن غيره قد يخلق خلقًا، ومثاله قرآنيًا: " أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ‌ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرً‌ا بِإِذْنِ اللَّـهِ". آل عمران: 49. "وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ‌ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرً‌ا بِإِذْنِي". المائدة: 110.
"فَتَبَارَ‌كَ اللَّـهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ". المؤمنون:14.
بوركتم جميعًا
ولكلّ مجتهدٍ نصيبٌ
 
 

الجمعة، 5 سبتمبر 2014

مرويات السيدة عائشة رضي الله عنها في البخاري


مرويات السيدة عائشة رضي الله عنها في البخاري
أولاً: عدد مروياتها

  بلغت مرويات السيدة عائشة رضي الله عنها (2210) منها (174) حديثًا متفق عليه. انفرد البخاري بـ (54) حديثًا ومسلم بـ (69) حديثًا. انظر: الفنيسان، سعود بن عبد الله، مرويات أم المؤمنين في التفسير، ط1، الرياض: مكتبة التوبة، 1992م، ص9.

أما ما أخرجه البخاري في كتابه عنها فبلغ  (892) روايةً، انظر: عبد الدايم، محمد سعد، أحاديث السيدة عائشة رضي الله عنها في صحيح البخاري، ص214.
وقد درستُ هذه الروايات حيث بلغ ما روته السيدة عائشة رضي الله عنها فيما يخصّ أبيها "أبو بكر" الصديق رضي الله عنه (43) روايةً.

ونجد أن أكثر الروايات التي تروي السيدة عائشة رضي الله عنها شيئًا أوحدثًا عن أبيها تأتي بالكُنية (أبو بكر) إلا في مواضع قليلة تقول (أبي). مصرّحة بعلاقة الأبوة.
وقد وجدتُ مواضع ذكرها للعلاقة الأبوية (أبي)  قد جاءت محصورة جدًا ولها سياقها.

ثانيًا: مروياتها التي جاءت بصيغة (أبي)

(3-1) عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : (( لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلَالٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمَا قُلْتُ يَا أَبَتِ كَيْفَ تَجِدُكَ وَيَا بِلالُ كَيْفَ تَجِدُكَ قَالَتْ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الْحُمَّى يَقُولُ :
                   كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهِ ... وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ 
وَكَانَ بِلالٌ إِذَا أَقْلَعَتْ عَنْهُ يَقُولُ :
                   أَلا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... بِوَادٍ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ 
                   وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مِجَنَّةٍ ... وَهَلْ تَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وَطَفِيلُ 
قَالَتْ عَائِشَةُ : (( فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ : اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ اللَّهُمَّ وَصَحِّحْهَا وَبَارِكْ لَنَا فِي مُدِّهَا وَصَاعِهَا وَانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بِالْجُحْفَةِ".
أخرجه البخاري في المرضى باب عيادة النساء الرجال (5222).
وفي المناقب باب مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه (3633).
وفي المرضى باب من دعا برفع الوباء والحمى (5245).

(5-4)  عن عائشة: لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ قَطُّ إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، فَلَمَّا ابْتُلِيَ الْمُسْلِمُونَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا، تُرِيدُ يَا أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَخْرَجَنِي، فَرَجَعَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ فَطَافَ في، فَطَفِقَ أَبُو بَكْرٍ يَعْبُدُ رَبَّهُ، ثُمَّ بَدَا لأَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلاً بَكَّاءً، قَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنِّي أَرُدُّ إِلَيْكَ، وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ هَلْ تَرْجُو، فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى.

أخرجه البخاري في الحوالات باب جوار أبي بكر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم (2134).
وفي المناقب باب عجرة النبي صلى الله عليه وأصحابه (3616).


حادثة الإفك: 
(8-6)عن عائشة: -وَأُمُّهَا بِنْتُ صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ خَالَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ-، بَرَاءَتِي قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ بَلَى وَاللَّهِ ، فَقُلْتُ لَهُ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ آتِيَ أَبَوَيَّ، فَقُلْتُ لأُمِّي يَا أُمَّتَاهُ، وَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي، فَبَيْنَا أَبَوَايَ جَالِسَانِ، فَقُلْتُ لأَبِي أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَالَ أَبِي وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ، فَقُلْتُ لأُمِّي أَجِيبِي رَسُولَ اللَّهِ، قَالَتْ أُمِّي وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ، فَقَالَتْ لِي أُمِّي قُومِي إِلَيْهِ..
أخرجه البخاري في المغازي باب حادثة الأفك (3826).

عن عائشة: -وَأُمُّهَا بِنْتُ صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ خَالَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ-، أَتَأْذَنُ لِي أَنْ آتِيَ أَبَوَيَّ، فَجِئْتُ أَبَوَيَّ فَقُلْتُ لأُمِّي يَا أُمَّتَاهْ، فَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي، فَقُلْتُ لأَبِي أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ، فَقُلْتُ لأُمِّي أَجِيبِي رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَتْ أُمِّي قُومِي إِلَيْه، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ بَلَى وَاللَّهِ إِنِّي أُحِبُّ..
أخرجه البخاري في تفسير القرآن باب "لولا إذ سمعتموه" (4381).

عن عائشة: أَرْسِلْنِي إِلَى بَيْتِ أَبِي، فَوَجَدْتُ أُمَّ رُومَانَ، وَأَبَا بَكْرٍ فَوْقَ الْبَيْتِ، فَقَالَتْ أُمِّي: مَا جَاءَ بِكِ، وَقَدْ عَلِمَ بِهِ أَبِي ؟، وَبَكَيْتُ فَسَمِعَ أَبُو بَكْرٍ صَوْتِي، فَقَالَ لأُمِّي: مَا شَأْنُهَا، وَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي، وَقَدْ اكْتَنَفَنِي أَبَوَايَ، فَالْتَفَتُّ إِلَى أَبِي، فَالْتَفَتُّ إِلَى أُمِّي، فَحَلَفَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ لا يَنْفَعَ، حَتَّى قَالَ أَبُو بَكْرٍ : بَلَى وَاللَّهِ..
أخرجه البخاري في تفسير القرآن وبوب به باب "إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة".

ثالثًا: مروياتها التي جاءت بصيغة الغائب:

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : (( أَنَّ نِسَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنَّ حِزْبَيْنِ فَحِزْبٌ فِيهِ : عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ وَصَفِيَّةُ وَسَوْدَةُ ، وَالْحِزْبُ الآخَرُ : أُمُّ سَلَمَةَ وَسَائِرُ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ قَدْ عَلِمُوا حُبَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَةَ فَإِذَا كَانَتْ عِنْدَ أَحَدِهِمْ هَدِيَّةٌ يُرِيدُ أَنْ يُهْدِيَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَّرَهَا حَتَّى إِذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ بَعَثَ صَاحِبُ الْهَدِيَّةِ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ ، فَكَلَّمَ حِزْبُ أُمِّ سَلَمَةَ فَقُلْنَ لَهَا كَلِّمِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَلِّمُ النَّاسَ فَيَقُولُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدِيَّةً فَلْيُهْدِهِ إِلَيْهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ بُيُوتِ نِسَائِهِ ، فَكَلَّمَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ بِمَا قُلْنَ ، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئًا ، فَسَأَلْنَهَا فَقَالَتْ : مَا قَالَ لِي شَيْئًا ، فَقُلْنَ لَهَا : فَكَلِّمِيهِ ، قَالَتْ : فَكَلَّمَتْهُ حِينَ دَارَ إِلَيْهَا أَيْضًا ، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئًا ، فَسَأَلْنَهَا فَقَالَتْ : مَا قَالَ لِي شَيْئًا ، فَقُلْنَ : لَهَا كَلِّمِيهِ حَتَّى يُكَلِّمَكِ ، فَدَارَ إِلَيْهَا فَكَلَّمَتْهُ فَقَالَ لَهَا : لا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ فَإِنَّ الْوَحْيَ لَمْ يَأْتِنِي وَأَنَا فِي ثَوْبِ امْرَأَةٍ إِلا عَائِشَةَ ، قَالَتْ فَقَالَتْ : أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مِنْ أَذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ثُمَّ إِنَّهُنَّ دَعَوْنَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ : إِنَّ نِسَاءَكَ يَنْشُدْنَكَ اللَّهَ الْعَدْلَ فِي بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ فَكَلَّمَتْهُ ، فَقَالَ : يَا بُنَيَّةُ أَلا تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ ، قَالَتْ : بَلَى ، فَرَجَعَتْ إِلَيْهِنَّ فَأَخْبَرَتْهُنَّ ، فَقُلْنَ : ارْجِعِي إِلَيْهِ ، فَأَبَتْ أَنْ تَرْجِعَ ، فَأَرْسَلْنَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ فَأَتَتْهُ فَأَغْلَظَتْ ، وَقَالَتْ : إِنَّ نِسَاءَكَ يَنْشُدْنَكَ اللَّهَ الْعَدْلَ فِي بِنْتِ ابْنِ أَبِي قُحَافَةَ ، فَرَفَعَتْ صَوْتَهَا حَتَّى تَنَاوَلَتْ عَائِشَةَ وَهِيَ قَاعِدَةٌ فَسَبَّتْهَا ، حَتَّى إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَنْظُرُ إِلَى عَائِشَةَ ، هَلْ تَكَلَّمُ ، قَالَ فَتَكَلَّمَتْ عَائِشَةُ تَرُدُّ عَلَى زَيْنَبَ حَتَّى أَسْكَتَتْهَا قَالَتْ فَنَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَائِشَةَ وَقَالَ : إِنَّهَا بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ.
أخرجه البخاري في الهبة وفضلها باب من أهدي إلى صاحبه وتحرى ض نسائه (2393).


عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : (( دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ مِنْ جَوَارِي الأَنْصَارِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتْ الأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثَ قَالَتْ وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَمَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ فِي يَوْمِ عِيدٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا )).
أخرجه البخاري في الجمعة باب سنة العيدين لأهل الإسلام (899).

عَنْ عَائِشَةَ : (( أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ فِي أَيَّامِ مِنَى تُدَفِّفَانِ وَتَضْرِبَانِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَغَشٍّ بِثَوْبِهِ فَانْتَهَرَهُمَا أَبُو بَكْرٍ فَكَشَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ وَجْهِهِ فَقَالَ دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ وَتِلْكَ الأَيَّامُ أَيَّامُ مِنًى وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتُرُنِي وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْحَبَشَةِ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ فَزَجَرَهُمْ عُمَرُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْهُمْ أَمْنًا بَنِي أَرْفِدَةَ يَعْنِي مِنْ الأَمْنِ )).
أخرجه البخاري في الجمعة باب من فاته العيد يصلي ركعتين (وكذلك النساء (934).
نلاحظ في الروايات السابقة جعلت عائشة تروي عن نفسها بصيغة الغائب، كأسلوب السيرة الذاتية بضميرالغائب. وهذا لا يعني أن خللاً أوكذبًا دخل الرواية.

مما سبق نجد أن الأصل أن تنادي السيدة عائشة رضي الله عنها أباها بكُنيته خصوصًا في الرواية عنه، ولا بدّ من مراعاة ظرف الرواية الحالة النفسية للراوية(عائشة). فكونها نادت أباها بكُنيته لا يعني أن الرواية مكذوبة وكذبها مفضوح!!
بل وجدنا أن خطابها (أبوي/أبي/أمي) إنما كان في موقف عاطفي كطلب مساعدة لاستدرار العطف والحنان. وهذا يدركه من له قدرة على تخيّل موقف عاطفي سليم.

بوركتم جميعًا
ولكل مجتهدٍ نصيبٌ