الجمعة، 5 سبتمبر 2014

مرويات السيدة عائشة رضي الله عنها في البخاري


مرويات السيدة عائشة رضي الله عنها في البخاري
أولاً: عدد مروياتها

  بلغت مرويات السيدة عائشة رضي الله عنها (2210) منها (174) حديثًا متفق عليه. انفرد البخاري بـ (54) حديثًا ومسلم بـ (69) حديثًا. انظر: الفنيسان، سعود بن عبد الله، مرويات أم المؤمنين في التفسير، ط1، الرياض: مكتبة التوبة، 1992م، ص9.

أما ما أخرجه البخاري في كتابه عنها فبلغ  (892) روايةً، انظر: عبد الدايم، محمد سعد، أحاديث السيدة عائشة رضي الله عنها في صحيح البخاري، ص214.
وقد درستُ هذه الروايات حيث بلغ ما روته السيدة عائشة رضي الله عنها فيما يخصّ أبيها "أبو بكر" الصديق رضي الله عنه (43) روايةً.

ونجد أن أكثر الروايات التي تروي السيدة عائشة رضي الله عنها شيئًا أوحدثًا عن أبيها تأتي بالكُنية (أبو بكر) إلا في مواضع قليلة تقول (أبي). مصرّحة بعلاقة الأبوة.
وقد وجدتُ مواضع ذكرها للعلاقة الأبوية (أبي)  قد جاءت محصورة جدًا ولها سياقها.

ثانيًا: مروياتها التي جاءت بصيغة (أبي)

(3-1) عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : (( لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلَالٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمَا قُلْتُ يَا أَبَتِ كَيْفَ تَجِدُكَ وَيَا بِلالُ كَيْفَ تَجِدُكَ قَالَتْ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الْحُمَّى يَقُولُ :
                   كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهِ ... وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ 
وَكَانَ بِلالٌ إِذَا أَقْلَعَتْ عَنْهُ يَقُولُ :
                   أَلا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... بِوَادٍ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ 
                   وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مِجَنَّةٍ ... وَهَلْ تَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وَطَفِيلُ 
قَالَتْ عَائِشَةُ : (( فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ : اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ اللَّهُمَّ وَصَحِّحْهَا وَبَارِكْ لَنَا فِي مُدِّهَا وَصَاعِهَا وَانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بِالْجُحْفَةِ".
أخرجه البخاري في المرضى باب عيادة النساء الرجال (5222).
وفي المناقب باب مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه (3633).
وفي المرضى باب من دعا برفع الوباء والحمى (5245).

(5-4)  عن عائشة: لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ قَطُّ إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، فَلَمَّا ابْتُلِيَ الْمُسْلِمُونَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا، تُرِيدُ يَا أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَخْرَجَنِي، فَرَجَعَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ فَطَافَ في، فَطَفِقَ أَبُو بَكْرٍ يَعْبُدُ رَبَّهُ، ثُمَّ بَدَا لأَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلاً بَكَّاءً، قَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنِّي أَرُدُّ إِلَيْكَ، وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ هَلْ تَرْجُو، فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى.

أخرجه البخاري في الحوالات باب جوار أبي بكر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم (2134).
وفي المناقب باب عجرة النبي صلى الله عليه وأصحابه (3616).


حادثة الإفك: 
(8-6)عن عائشة: -وَأُمُّهَا بِنْتُ صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ خَالَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ-، بَرَاءَتِي قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ بَلَى وَاللَّهِ ، فَقُلْتُ لَهُ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ آتِيَ أَبَوَيَّ، فَقُلْتُ لأُمِّي يَا أُمَّتَاهُ، وَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي، فَبَيْنَا أَبَوَايَ جَالِسَانِ، فَقُلْتُ لأَبِي أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَالَ أَبِي وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ، فَقُلْتُ لأُمِّي أَجِيبِي رَسُولَ اللَّهِ، قَالَتْ أُمِّي وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ، فَقَالَتْ لِي أُمِّي قُومِي إِلَيْهِ..
أخرجه البخاري في المغازي باب حادثة الأفك (3826).

عن عائشة: -وَأُمُّهَا بِنْتُ صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ خَالَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ-، أَتَأْذَنُ لِي أَنْ آتِيَ أَبَوَيَّ، فَجِئْتُ أَبَوَيَّ فَقُلْتُ لأُمِّي يَا أُمَّتَاهْ، فَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي، فَقُلْتُ لأَبِي أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ، فَقُلْتُ لأُمِّي أَجِيبِي رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَتْ أُمِّي قُومِي إِلَيْه، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ بَلَى وَاللَّهِ إِنِّي أُحِبُّ..
أخرجه البخاري في تفسير القرآن باب "لولا إذ سمعتموه" (4381).

عن عائشة: أَرْسِلْنِي إِلَى بَيْتِ أَبِي، فَوَجَدْتُ أُمَّ رُومَانَ، وَأَبَا بَكْرٍ فَوْقَ الْبَيْتِ، فَقَالَتْ أُمِّي: مَا جَاءَ بِكِ، وَقَدْ عَلِمَ بِهِ أَبِي ؟، وَبَكَيْتُ فَسَمِعَ أَبُو بَكْرٍ صَوْتِي، فَقَالَ لأُمِّي: مَا شَأْنُهَا، وَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي، وَقَدْ اكْتَنَفَنِي أَبَوَايَ، فَالْتَفَتُّ إِلَى أَبِي، فَالْتَفَتُّ إِلَى أُمِّي، فَحَلَفَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ لا يَنْفَعَ، حَتَّى قَالَ أَبُو بَكْرٍ : بَلَى وَاللَّهِ..
أخرجه البخاري في تفسير القرآن وبوب به باب "إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة".

ثالثًا: مروياتها التي جاءت بصيغة الغائب:

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : (( أَنَّ نِسَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنَّ حِزْبَيْنِ فَحِزْبٌ فِيهِ : عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ وَصَفِيَّةُ وَسَوْدَةُ ، وَالْحِزْبُ الآخَرُ : أُمُّ سَلَمَةَ وَسَائِرُ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ قَدْ عَلِمُوا حُبَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَةَ فَإِذَا كَانَتْ عِنْدَ أَحَدِهِمْ هَدِيَّةٌ يُرِيدُ أَنْ يُهْدِيَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَّرَهَا حَتَّى إِذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ بَعَثَ صَاحِبُ الْهَدِيَّةِ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ ، فَكَلَّمَ حِزْبُ أُمِّ سَلَمَةَ فَقُلْنَ لَهَا كَلِّمِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَلِّمُ النَّاسَ فَيَقُولُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدِيَّةً فَلْيُهْدِهِ إِلَيْهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ بُيُوتِ نِسَائِهِ ، فَكَلَّمَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ بِمَا قُلْنَ ، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئًا ، فَسَأَلْنَهَا فَقَالَتْ : مَا قَالَ لِي شَيْئًا ، فَقُلْنَ لَهَا : فَكَلِّمِيهِ ، قَالَتْ : فَكَلَّمَتْهُ حِينَ دَارَ إِلَيْهَا أَيْضًا ، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئًا ، فَسَأَلْنَهَا فَقَالَتْ : مَا قَالَ لِي شَيْئًا ، فَقُلْنَ : لَهَا كَلِّمِيهِ حَتَّى يُكَلِّمَكِ ، فَدَارَ إِلَيْهَا فَكَلَّمَتْهُ فَقَالَ لَهَا : لا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ فَإِنَّ الْوَحْيَ لَمْ يَأْتِنِي وَأَنَا فِي ثَوْبِ امْرَأَةٍ إِلا عَائِشَةَ ، قَالَتْ فَقَالَتْ : أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مِنْ أَذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ثُمَّ إِنَّهُنَّ دَعَوْنَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ : إِنَّ نِسَاءَكَ يَنْشُدْنَكَ اللَّهَ الْعَدْلَ فِي بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ فَكَلَّمَتْهُ ، فَقَالَ : يَا بُنَيَّةُ أَلا تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ ، قَالَتْ : بَلَى ، فَرَجَعَتْ إِلَيْهِنَّ فَأَخْبَرَتْهُنَّ ، فَقُلْنَ : ارْجِعِي إِلَيْهِ ، فَأَبَتْ أَنْ تَرْجِعَ ، فَأَرْسَلْنَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ فَأَتَتْهُ فَأَغْلَظَتْ ، وَقَالَتْ : إِنَّ نِسَاءَكَ يَنْشُدْنَكَ اللَّهَ الْعَدْلَ فِي بِنْتِ ابْنِ أَبِي قُحَافَةَ ، فَرَفَعَتْ صَوْتَهَا حَتَّى تَنَاوَلَتْ عَائِشَةَ وَهِيَ قَاعِدَةٌ فَسَبَّتْهَا ، حَتَّى إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَنْظُرُ إِلَى عَائِشَةَ ، هَلْ تَكَلَّمُ ، قَالَ فَتَكَلَّمَتْ عَائِشَةُ تَرُدُّ عَلَى زَيْنَبَ حَتَّى أَسْكَتَتْهَا قَالَتْ فَنَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَائِشَةَ وَقَالَ : إِنَّهَا بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ.
أخرجه البخاري في الهبة وفضلها باب من أهدي إلى صاحبه وتحرى ض نسائه (2393).


عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : (( دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ مِنْ جَوَارِي الأَنْصَارِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتْ الأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثَ قَالَتْ وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَمَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ فِي يَوْمِ عِيدٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا )).
أخرجه البخاري في الجمعة باب سنة العيدين لأهل الإسلام (899).

عَنْ عَائِشَةَ : (( أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ فِي أَيَّامِ مِنَى تُدَفِّفَانِ وَتَضْرِبَانِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَغَشٍّ بِثَوْبِهِ فَانْتَهَرَهُمَا أَبُو بَكْرٍ فَكَشَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ وَجْهِهِ فَقَالَ دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ وَتِلْكَ الأَيَّامُ أَيَّامُ مِنًى وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتُرُنِي وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْحَبَشَةِ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ فَزَجَرَهُمْ عُمَرُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْهُمْ أَمْنًا بَنِي أَرْفِدَةَ يَعْنِي مِنْ الأَمْنِ )).
أخرجه البخاري في الجمعة باب من فاته العيد يصلي ركعتين (وكذلك النساء (934).
نلاحظ في الروايات السابقة جعلت عائشة تروي عن نفسها بصيغة الغائب، كأسلوب السيرة الذاتية بضميرالغائب. وهذا لا يعني أن خللاً أوكذبًا دخل الرواية.

مما سبق نجد أن الأصل أن تنادي السيدة عائشة رضي الله عنها أباها بكُنيته خصوصًا في الرواية عنه، ولا بدّ من مراعاة ظرف الرواية الحالة النفسية للراوية(عائشة). فكونها نادت أباها بكُنيته لا يعني أن الرواية مكذوبة وكذبها مفضوح!!
بل وجدنا أن خطابها (أبوي/أبي/أمي) إنما كان في موقف عاطفي كطلب مساعدة لاستدرار العطف والحنان. وهذا يدركه من له قدرة على تخيّل موقف عاطفي سليم.

بوركتم جميعًا
ولكل مجتهدٍ نصيبٌ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق