السبت، 19 نوفمبر 2016

القلب والفؤاد والصدر في القرآن الكريمك

القلب والفؤاد والصدر في القرآن الكريم:
أولاً: القلب:
1. القلب المختوم.
2. القلب المطبوع.
3. القلب المكنون.
4. القلب الغُلف.
5. القلب المريض.
6. القلب القاسي.
7. القلب المملوء بحب شيء.
8. تشابه القلوب.
9. تكسّب القلوب.
10. زيغ القلوب.
11. تأليف القلوب.
12. إلقاء الرعب في القلوب.
13. اطمئنان القلوب.
14. تمحيص القلوب.
15. امتحان القلوب.
16. ربط على القلوب.
17. الحسرة في القلوب.
18. إضمار ما في القلوب.
19. إيمان القلوب.
20. تطهير القلوب.
21. طهارة القلب.
22. القلوب الفقيهة.
23. القلوب العاقلة.
24. القلوب الوجلة.
25. القلوب الغائظة.
26. القلوب المؤلفة.
27. النفاق في القلوب.
28.  القلوب المرتابة.
29. تصريف القلوب.
30. التشديد على القلوب.
31. القلوب المستهزئة.
32. القلوب المنكرة.
33. القلوب اللاهية.
34. تقوى القلوب.
35. القلوب الخابتة.
36. القلوب المغمورة.
37. تقلب القلوب يوم القيامة.
38. اضطراب القلوب يوم القيامة.
39. اضطراب القلوب في الدنيا.
40. تعمّد القلوب.
41. التفزيع عن القلوب.
42. لين القلوب.
43. اشمئزاز القلوب.
44. القلوب المتدبّرة.
45. سكينة القلوب.
46. التزيين في القلب.
47. الحمية في القلب.
48. القلوب الكافرة.
49. الإيمان في القلوب.
50. خشوع القلوب.
51. رأفة القلوب.
52. غلّ القلوب.
53. القلوب المشتتة.
54.   صياغة القلوب.
55. القلوب الواجفة.
56. الران على القلوب.
 ثانيًا: الفــــؤاد:
1. تثبيت الفؤاد.
2. مسئولية الفؤاد.
3.      فراغ الفؤاد.
4.      كذب الفؤاد.
5. تقليب الأفئدة.
6.      صياغة الأفئدة.
7. هواية الفؤاد.
8. نعمة الفؤاد.
 ثالثًا: الصـــدور
1.     تمحيص ما في الصدور.
2. حصر الصدور.
3. إضمار ما في الصدور.
4.     انشراح الصدر.
5. ما يكبر في الصدور.
6. القلوب في الصدور.
7. حرج الصدر.
8. البينات في صدور (القرآن).
9. شفاء الصدور.
10.                 شفاء ما في الصدور.
11.                 ثني الصدور.
12. ضيق الصدر.
13.                 الرهبة في الصدور.
14.                 حاجة في الصدر.
15.                 الكِبر في الصدور.





مفهوم العبادة في القرآن الكريم:

بعد الجولة الاستقرائية لموارد جذر [عبد] في القرآن الكريم، وما تعلّق بها، من مفاهيم: الكفر، والشرك، والشكر، تبيّن لنا أن الخالق تعالى في معالجته لوضع الناس الذين انحرفوا عن مسار الانسجام من موازنة ومفاصلة بين الثنائيات، وأحدثوا الظلم والاضطهاد، في سبيل تحقيق غاياتهم. قد أرسل تعالى الرسل بمنهج علاجي يراعي المرحلية في سبيل التصدّي لهذا الانحراف والتعدّي، فرفضَ تسوية المخلوق بالخالق فضلاً عن تفضيل المخلوق على الخالق، أو إنكاره وجحوده، وقصد لهذا التأكيد على إعطاء كل ذي حقه حقّه، وهذا قمّة العدالة التي من أجلها أُرسلت الرسل وأنُزلت الكتب.
وقد سلك الخالق تعالى خطة في سبيل بيان منهجه من ذكر أسباب استحقاقه للعبادة، في مقابل عدم استحقاقها لغيره، في جدليته مع الوثنيين ومع أهل الكتاب فيما يخصّ المسيح عيسى عليه السلام، وتطرّق إلى مؤسسة الرق وعلاجها، أخيرًا قام القرآن الكريم على مبدأ الحرية مع تحمّل مسئولية الاختيار، وأرجى الحكم بين الناس إلى يوم القيامة.

ما الذي حصل في غياب قراءة استقرائية كلية؟
1-  التركيز على الشعائر والطقوس، علمًا بأنها مرحلة من مراحل المنهج، ووسيلة لتبيان مبدأ إعطاء كل ذي حق حقه.
2-  تخفيض صورة الخالق تعالى، وكأنه محتاج إلى صلاة أو حج أو شعائر. علمًا بأنه صرّح أنه غني عن العالمين.
3-  التركيز على الطقوس والشعائر أكثر بمراحل من القيّم والمقاصد الكلية وعلى رأسها العدل.
4-  تعجيل الحكم بين الناس إلى عالم الدنيا على خلاف القرآن الذي أرجاه إلى يوم القيامة.
5-  معظم الناس تخضع لسنن وقوانين الأشرار. حيث الاضطراب والفوضى والظلم.

بوركتم جميعًا

ولكلّ مجتهدٍ نصيبٌ

الأربعاء، 16 نوفمبر 2016



إشكاليات لاهوتية:
بقلم الدكتور: إياد محمد أبو ربيع

من أكبر الإشكاليات التي تواجه دارسي الفترة المبكرة للإسلام "النبوي" هي أن المصادر المكتوبة حول هذه الفترة قد اعتراها الآتي:
1.   كُتبت فيما بعد الحدث بزمن.
2.   تأثرها بالبيئة المذهبية.
3.   عدم إحاطة هذه المصادر بالأحداث.
4.   احتمال فقدان مصادر أخرى لم تصلنا أو ما زالت في أدراج المخطوطات.

فأنت ترى أن هذه المصادر يعتريها النقص أو التأثر بالمذهب أو كليهما معًا، وقد يُحتمل وجود مصادر أخرى لم تُقل إلينا أو ما زالت في رفوف المكتبات كمخطوطات.
بيْد أن هناك مصدرٌ واكب الأحداث ويكتسب مصداقية عظيمة وهو (القرآن الكريم). وهذا المصدر قد كُتب في زمن النبوة، كما تخبرنا المصادر اللاحقة عنه، فما زلنا نتعرّف على ما اكتنفه من خلال هذه المصادر. ولا ضمانة ولا مصداقية "كاملة" لهذه الأخبار حتى لو أعملنا منهج المحدثين من حيث صحّة الإسناد أو علم الرجال.
لكن ما تؤكّده المصادر أن كتابة المصحف كانت في زمن النبوة، على صعيدين الأول: تدوينات فردية يسجّلون كل ما نزل أو بعضه. والثاني: لجنة رسمية تُسجّل كل ما نزل.
 وتفيد المصادر اللاحقة أن هناك آيات وسور قد نُسخت وبعضها قد نُسّي من الذاكرة الجماعية!! وعليه يكون القرآن الذي نزل أكثر من القرآن الذي استقرّ وفق العرضة الأخيرة. وهي النسخة النهائية للقرآن الكريم.

إشكالية جديدة فيما يُعرَف بالعرٍْضَة الأخيرة:
اشتُهر بأن هذه العرْضة كانت في آخر رمضان من حياة النبي عليه الصلاة والسلام، وتُطالعنا المصادر أنه التحق بالرفيق الأعلى في شهر ربيع الأول.
وهنا أتساءل: ألم ينزل من رمضان إلى ربيع الأول وبينهما ستة أشهر قرآن؟!!
وتساؤل آخر: مَن اطلع على هذه العرضة؟ حتى يُقال إن هذه العرْضة نسَخت ولغَت آيات أو حتى سور أو طرق أداء؟؟!!

إشكالية ثالثة: وهي ما يُعرف بالأحرف السبعة:
تُظهر المصادر أن الرسول النبي عليه الصلاة والسلام قد قرأ القرآن بعدة طرق أداء، والملاحظ أن هذه المصادر "الاستردادية" لم تُبيّن هذه الطرق، فقط أظهرت اسم الصحابييْن، واسم السورة، وعند دراسة أوجه القراءات لهذه السورة التي ذكرتها المصادر "الاستردادية" وجدتُ أن الاختلافات بسيطة خَلا لفظ واحد (وَنُزِّلَ) = (ونُنْزِلَ) قراءة ابن كثير المكي. ففيه زيادة حرف (نون).
كما أن الصحابييْن كلاهما من مكّة، أحدهما عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي استهجن القراءة من الصحابي المكي هشام بن حكيم رضي الله عنه الذي أسلم بعد الفتح!! أي لا داعي لهذا الحرف المغاير إذا علمنا أن الأحرف إنما نزلت تيسيرًا على الملسمين، فكلاهما من مكّة، لكن يحتمل برأيي أنه كان يؤم مجموعة من قبيلة عربية أخرى وقد تعلّم هذا الحرف من الرسول النبي عليه الصلاة والسلام دون أن يتعلّمه الفاروق عمر رضي الله عنه. (مع أن تبريري متكلَّفٌ كما ترى)!!

إشكالية رابعة: جمع المصحف العثماني:
تُنبؤنا المصادر أن الخليفة الصديق قد جمع المصحف بعد نصيحة من الفاروق عمر رضي الله عنه، وبقي هذا المصحف عند حفصة بنت الفاروق رضي الله عنها، ثم قام الخليفة عثمان رضي الله عنه بجمع القرآن في مصحف واحد بعد تشكيل لجنة قرشية على أن يكون لسان قريش هو الحكم عند الاختلاف. وتُسجّل المصادر اعتراض ابن مسعود رضي الله عنه ولم تذكر لنا تصريحًا برجوعه وموافقة الخليفة عثمان رضي الله عنه.
وعلى هذا نسَخ الخليفة عثمان مصاحف سبعة على حرف واحد كما تخبرنا المصادر الاستردادية، وجعل في بعض هذه النسخ وجوه القراءات إذا لم يكن بالإمكان رسمها!!
وأصبحت هذه النسخة العثمانية هي السائدة، كما أصبح فيما بعد لكل قُطر قراءة سائدة كما ثبّتها ابن مجاهد (324 هـ)، ففي مكة قراءة (ابن كثير)، مع الأخذ بعيْن الاعتبار وجود غيره من قرّاء مكّة. وفي المدينة قراءة (نافع)، وفي الكوفة ثلاثة قرّاء (عاصم والكسائي وحمزة)!! وفي البصرة قارئ واحد (أبي عمر بن العلاء) وفي الشام قارئ واحد (ابن عامر)!! على أن قراءة عاصم صارت هي الأشهر لانتقاله إلى بغداد عاصمة الخلافة، ثم قامت الدولة العثمانية بطباعة المصاحف وفقًا لقراءته. وليس صحيحًا تبرير هذا الانتشار بأن الله وضع لهذه الرواية القبول والإقبال، لأسباب نعلمها أو لا نعلمها!!
فإذا علمنا أن طرق أداء القرآن متباينة، ومختلفة من حيث التذكير والتأنيث، والإفراد والجمع، والإضافات والحذف، فإن الخليفة عثمان قلّل هذه القراءات، كما يرى الإمام الطبري (310 هـ) إذ عمل الخليفة على أخذ حرف واحد والعمل به، وترك ستة أحرف منعًا للاختلاف. وابن مجاهد (324 هـ) قلل وجوه القراءات إلى سبعة، علمًا أن المصادر التي سبقت ابن مجاهد والتي لحقته أضافت أكثر من سبع قرّاء. حتى غدوْنا نسمع عن القراءات العشرة، وأربع عشرة قراءة. وكل ما اتُصِف بالقراءات المتواترة فالتواتر فقط إلى القارئ لا إلى الرسول عليه الصلاة والسلام.
وتطالعنا المصادر أن القرّاء اعتمدوا ضمن ما اعتمدوا عليه موافقة الرسم القرآني، وعلى هذا تنخرم قاعدة النقل والتلقي ثقة عن ثقة وإمامًا عن إمام إلى الرسول النبي عليه الصلاة والسلام.
ومهما يكن حول هذه الإشكاليات فإن المصحف السائد في المشرق العربي الذي تطبعه السعودية وفق رواية حفص عن عاصم. وفي المغرب العربي الذي تطبعه ليبيا والمغرب وفق رواية ورش عن نافع. ورغم الفروقات بينهما فإنها قليلة، وقد قمتُ بعمل دراسة حولها، ووفق المنهج المقاصدي فليس أمامنا منهجية منضبطة لتحقيق أيّ المصاحف هو المعيار والأصل، بل يوَجّه المنهج المقاصدي اهتمامه بدلالة الألفاظ بقدر ما يدلّ على مقصد كلّي.




الأحد، 21 أغسطس 2016



الخطاب القرآني والابتلاء (1):


البنية اللاهوتية في الإسلام قائمة على التوحيد، والابتلاء فيها تكمن في اللغة، إذ تعجز اللغة عن وصف المجرّدات، وأعظمها فكرة "الإله"، فاللغة تتوسل وصف هذا الإله، لكن لا تقترب ولو بجزء بسيط من حقيقته. لذا فاللغة "آيات وصف الإله" في القرآن هي من باب تقريب المفهوم، لكن فخ اللغة أوقع كثير من علماء المسلمين في حملها على حرفيتهاـ أو تأويلها. ونتج عنه منظومات عقدية كلامية من نفي أو تجسيم وحروب ألسنية وسِنانية. وللخروج من هذا الفخ وفق المنهج المقاصدي يكون كالآتي:
1- الاعتراف بأن اللغة عاجزة عن تصوير المجرّدات.
2- كل ما يتعلق بالخالق تعالى من صفات أو أسماء أو أفعال فهي من باب التقريب.
3- النظر في الواقع "الفتّان" المدهش يفيد أكثر في استشعار عظمة الخالق، من النص "الفتّان" المُبتلي.

نجد معظم الجهود صبّت في دراسة النص القرآني مع غياب نقطة (1) و(2)، في حين تمّ إهمال نقطة (3)، والتي أخذ بها علماء آخرون وتقدّموا بالعلم التجريبي. فأهملنا شرط التقدّم المادّي والشعور الروحي.


الخطاب القرآني والابتلاء (2):
يعتبر الخطاب القرآني كل ما في الوجود من ثنائيات (موت- حياة) (ألم- لذة) (حسنة- سيئة) (خير- شر) مولّدات للابتلاء، وقد استثمر الخطاب القرآني هذه السنن في ربط المخاطَب بالخالق (شكر-صبر- كفر) وتقرير أن مآلات الأمور راجعة إليه. (إلينا يرجعون، لعلهم يرجعون).
وإذا تقرّر أن الله تعالى عالم بكل الأمور قبل حدوثها مسبقًا، فلا اعتبار لفرْضية أن المرور بهذه الثنائيات المولدة "للابتلاءات" هي لمعرفة المحسن من المسيء.
غاية الأمر أن الخالق صمّم الحياة على نظام سُنني فيه الثنائيات والتعددية البشرية، فلا البشرية واحدة، ولا مستوياتهم واهتماماتهم واحدة، فينتج عن هذه التعددية وفق النظام السنني "ابتلاءات".
ومع هذا فإن القضية مركبة من نظام "حتمي" وهو الثنائيات، ونظام "اختياري" وهو الإرادة، فالحتمي يكون في "الثنائيات" فالموت مصير كل حي ولا مهرب، والألم بدرجاته والسيئات بمستوياتها واردة، وقد ترجح كفة الألم على اللذة في شخص، أو يتركز الألم في مجتمع دون غيره، لكن هذا الترجيح أو التركيز ليس من باب الحتم، بل الحتم في وجود الثنائية بحد ذاتها في الحياة. وهامش الاختيار يكون في التركيز أو الترجيح وفق معطيات القوانين والسنن.
الغريب أن غياب المنهج في فهم مقاصد القرآن جعل جلّ المسلمين يظنون أن كل ما أصابهم لم يكن ليخطئهم، وما أخطأهم لم يكن ليصيبهم، فأعدموا إرادتهم، وصارت الحياة كأنها مسرحية، فوقعوا في العدمية؛ عدمية الحياة وعدمية الغاية من الخلق. كما أنهم في حالة الإصابة بالألم أو السيئة صبّروا أنفسهم، وظنّوا أنهم محسنون في هذا. (إذا أصابه ضراء صبر فكان خيرًا له)، والحق أن الصبر يكون فيما اكتسبه الإنسان من ضرر بعد محاولات تجنّبه، ويتبعه تفكير في التخلّص من آثاره. لا الرضا به والقعود عن صرفه.
والأغرب أن بعض المسلمين يرى أن غير المسلم إن أصابته وفق القوانين سيئة يكون من باب العقوبة. في حين إن أصابت المسلم سيئة فيكون من باب "الابتلاء"!!

إن القوانين والسُنن لا تحابي أحدًا، فهي قوى غير عاقلة، لا تميّز بين مسلم فتخدمه (خير)، أو تتجنّبه في حالة (شر)، ولا تنتقم من غير المسلم. والمطلوب منّا مقاصديًا دراسة هذه القوانين واستثمارها في خدمة البشرية بما يحقق العدالة والرفاهية، وربطهم بالخالق تعالى.



الخطاب القرآني والابتلاء (3):نظام "الإلهام" و"التيسير"

من أعظم مظاهر الثنائيات في القرآن الكريم الحتمية نجدها في سورتي (الشمس والليل)، فالحتمية تتمثل في نظام الإلهام (الفجور- التقوى)، فالنفس البشرية المفردة لديها قابلية الاستقبال والاستجابة لكلا الثنائيتين. وهامش الإرادة يكون في (التزكية- والتسدية). "فَأَلْهَمَهَا فُجُورَ‌هَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا". الشمس: 8-10.

فالقانون القرآني مبني على "الهدى" ابتداءً ومنتهٍ "بالرجوع" مآلاً إلى الخالق. وهـذا هو القانون الحاكم الحتمي، لكن هناك نظام "التيسير" الاختياري، وهو المعوّل عليه ففيه هامش إرادة، وهو المؤثر في مآل الإنسان في الدنيا وفي الآخرة بحسب قوانين كل منهما.

"فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ * فَسَنُيَسِّرُ‌هُ لِلْيُسْرَ‌ىٰ * وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَىٰ * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَىٰ * فَسَنُيَسِّرُ‌هُ لِلْعُسْرَ‌ىٰ * وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَ‌دَّىٰ * إِنَّ عَلَيْنَا لَلْـهُدَىٰ * وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَ‌ةَ وَالْأُولَىٰ". الليل: 5-13.

قد يغلب على ظن أحدنا أننا نعيش في مجموعة خيارات حتمية، وليس لأحدنا يدٌ في المسير ولا المصير. لكن في ظل القراءة المقاصدية نجد أن المسير والمصير تتشكل معادلته من الآتي:
إرادة إنسان واعٍ + علم الإنسان بالقوانين= حياة طيبة.

فالإنسان مزوّد بنظام (الإلهام) الحتمي، وبنظام (التيسير) الاختياري. وبتفاعلها يكون بلاء الإنسان، بقدر إرادته وعلمه بالقوانين.
أخيرًا فإن الخطاب القرآني يرتكز على (1) توكيد "الخالقية"، (2) ويولي الإنسان إرادة حقيقية،(3) ويدعو إلى العلم والبحث والنظر في سبيل تحقيق حياة طيبة لكل البشرية. وفي غياب أحدهما، أو نقصٍ في أي طرف من هذه المرتكزات الثلاثة سيؤثر سلبًا في مستوى الحياة ماديًا وروحيًا.

الجمعة، 22 يوليو 2016

فلسفة الدعاء

أدعو الله فلا يُستجاب لي:
1- الدعاء له شروط.
2- أنت تتصل بالإله الخطأ.
3- لا وجود للإله من الأصل.
4- هناك إله لكنه لا يسمع ولا يهتم.
أوّلاً: ما هو الدعاء؟ الدعاء هو طلب العبد العوْنَ من الخالق في شأن دنيوي أو أخروي.
ثانيًا: شروط الدعاء، الأخذ بشروط المطلوب بقدر الوُسع والطاقة. والدعاء الفردي أو الجمعي فيه تحفيز ذاتي لتعزيز الشعور الإيجابي، ودفع الشعور السلبي.
فالدعاء= ألفاظ (كلام) + سلوك (عمل)
فمعادلة الاستجابة للدعاء لا تكتمل إلا بشقّيها الكلام والعمل بعلم.
للأسف ننمّق ((كلمات الدعاء)). ولا نُسمّق (الأعمال). لذا لا يُستجاب.
قد يستجاب في حالة الاضطرار للملحد وللمؤمن على حدّ سواء. وقد لا يستجاب، بمعنى أن الاستجابة غير متوقفة على الإيمان، بل متوقفة على قوانين وأسباب، فقد يحصل اللطف، بحيث تتوفر أسباب ضمن قوانين غير متوقعة، لكنها غير خارقة للسنن.
ورد جذر [دعو] في القرآن الكريم في كلمات عددها (211) مع التكرار، و(101) من غير المكرر، وقد جاء هذا الجذر بحسب السياق بعدة معانِ.
الأول: الدعاء بمعنى النداء، مثاله: "لَّا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا". التور: 63.
الثاني: بمعنى طلب الحضور، مثاله: "يَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُم مَّوْبِقًا". الكهف: 52.
الثالث: بمعنى النسب، مثاله: "أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدًا". مريم: 91. "ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّـهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَـٰكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّـهُ غَفُورًا رَّحِيمًا". الأحزاب: 5.
الرابع: بمعنى الطلب: مثاله: "وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَن نَّصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا". البقرة: 61.
الخامس: بمعنى الدعوة إلى فكرة: "وَٱللَّـهُ يَدْعُوٓا۟ إِلَىٰ دَارِ ٱلسَّلَـٰمِ وَيَهْدِى مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ". يونس: 25. "لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ". الرعد: 14.
"وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّـهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ". إبراهيم: 22.
السادس: بمعنى الإيمان: "قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا". الفرقان: 77.
ركّز القرآن الكريم كثيرًا في وصف واقع الناس أثناء إصابتهم بحالة اضطرار، فهم يلجئون إلى الخالق [الله] دون غيره من الآلهة التي يعبدونها، فهو يحاججهم في ذلك، إذ الأصنام والأوثان والآلهة التي يتقرّبون إليها من دون الله لا تنفعهم شيئًا.
على أن استجابة الله تعالى لهم في حالة الاضطرار ليست دائمة ومطّردة بل معلّقة بحسب الأسباب.
"قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّـهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّـهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ [إِن شَاءَ] وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ". الأنعام: 40-41.
وإذا ما تمّت الاستجابة ورفع حالة الضُّرّ عنهم فيكون هو الذي كشفها دون غيره، "قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَـٰتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ تَدْعُونَهُۥ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَٰـنَا مِنْ هَـٰذِهِۦ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ * قُلِ ٱللَّـهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ". الأنعام: 63-64.
لذا فإن الناس الذين يعظّمونهم والأصنام التي يتقرّبون إليها لا تنفعهم في كشف الضر عنهم، "إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّـهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ ۖ فَٱدْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا۟ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ". الأعراف: 194. "وَٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِۦ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلَآ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ". الأعراف: 197.
فإذا كان هؤلاء لا يملكون لأنفسهم نفعًا ولا ضرًا، فإنهم لا يستحقون التعظيم، فالأوْلى بالدعاء والطلب هو الخالق: "أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ"؟!!. الصافات: 125.
ووصف القرآن حالة المناكدة التي مرّ بها الناس وقت التنزيل: "ذَٰلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّـهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّـهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ". غافر: 12.
وبعد المحاججة يعمد القرآن الكريم إلى وصف كثير من نفسيات الناس التي تجحد النعمة وتنسى المُنعم في حالة الرخاء، وفي حالة الشدة ترجو الرحمة ورفع الضر: "وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ". يونس: 12. "وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنسَانُ كَفُورًا". الإسراء: 67. "وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا". الإسراء: 11.
والحالة المثالية هي الدعاء في كلا الحالتي الخوف والطمع، بمعنى تحفيز النفس في جلب المنافع ودفع المفاسد: "وَلَا تُفْسِدُوا۟ فِى ٱلْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَـٰحِهَا وَٱدْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا ۚ إِنَّ رَحْمَتَ ٱللَّـهِ قَرِيبٌ مِّنَ ٱلْمُحْسِنِينَ". الأعراف: 56.
يسرد القرآن الكريم بعض الأدعية (الطلب) التي استجاب الله لها.
- دعاء إبليس بأن يبقى إلى اليوم المعلوم.
- دعاء إبراهيم أن يجعل البلد آمنًا، وبعث رسول منهم.
- دعاء نوح في إهلاك قومه بعد استنفاد كل الوسائل.
- دعاء موسى في شرح صدره، وحلّ عقدة لسانه، وإرسال هارون معه نبيًا.
دعاء موسى في يغفر له قتل الرجل الذي من عدوه.
- دعاء موسى أن يطمس على فرعون وملئه.
- دعاء زكريا في أن يعطيه الله وريثًا.
- دعاء أيوب مسّه الضر.
- دعاء يونس في الظلمات.
-دعاء لوط أن ينجّيه وأهله.
- دعاء سليمان المغفرة وطلب ملكًا لا ينبغي لأحد من بعده.
- دعاء يوسف صرف السوء عنه.
-دعاء امرأة فرعون. (لم يذكر في الآية استجابة).
- دعاء محمد: "وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا". طه: 114.
"وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَٰتِ ٱلشَّيَـٰطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ". المؤمنون: 97-98. "وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ". المؤمنون: 118. "إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ". الأنفال: 9.
ويعالج القرآن إشكالية النداء باسم الرحمن، وقضية رفع الصوت بالنداء: "قُلِ ادْعُوا اللَّـهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَـٰنَ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا". الإسراء: 110. وَلِلَّـهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ الأعراف: 180. "ٱدْعُوا۟ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ". الأعراف: 55.
شروط الاستجابة:
"وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ". البقرة: 186. "وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ". غافر: 60.
"يـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ٱسْتَجِيبُوا۟ لِلَّـهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَٱعْلَمُوٓا۟ أَنَّ ٱللَّـهَ يَحُولُ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَقَلْبِهِۦ وَأَنَّهُۥٓ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ". الأنفال: 24.
وما هي العبادة؟
العبادة هي حالة الانسجام التي يكون فيها المرء موازنًا بين ما ينبغي الموازنة فيه، (الفرد/الجماعة) (المادة/ الروح)، (الدنيا/الآخرة) ويكون فيها المرء مفاصلاً بين ما ينبغي المفاصلة فيها (الحق/الباطل)، (الخير الشر).
"وَٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُوا۟ لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ يُنفِقُونَ * وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَهُمُ ٱلْبَغْىُ هُمْ يَنتَصِرُونَ * وَجَزَٰٓؤُا۟ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُۥ عَلَى ٱللَّـهِ ۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلظَّـٰلِمِينَ * وَلَمَنِ ٱنتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِۦ فَأُو۟لَـٰٓئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ * إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ عَلَى ٱلَّذِينَ يَظْلِمُونَ ٱلنَّاسَ وَيَبْغُونَ فِى ٱلْأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ ۚ أُو۟لَـٰٓئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ". الشورى: 38-42.
في عالم الآخرة:
في عالم الآخرة: "دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّـهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ". يونس: 10.
"إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ". الطور: 28.
بوركتم جميعًا
ولكلّ مجتهدٍ نصيبٌ

علم الله تعالى المسبق والمستقبلي

علم الله تعالى المسبق والمستقبلي
لتقرير مبدأ أو قاعدة ينبغي قراءة واستقصاء كل الموارد ذات العلاقة، لا الوقوف على موارد دون غيرها.
وموضوع علم الله المسبق بحسب القرآن الكريم يُعرف من خلال تتبع الآيات ذات العلاقة، بيْد أن هناك آيات هنّ أمّ القضية: (وهو بكل شيء عليم)، (أحاط بكل شيءٍ علمًا)، (عالم الغيب والشهادة)، (يعلم ما يسرون وما يعلنون)، (يعلم ما تبدون وما تكتمون) (يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم). (وَاللَّـهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ) محمد: 19.
لكن في مواضع قرآنية يظهر بحسب الظاهر أن علم الله تعالى ليس بمسبق:
"وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّـهُ وَمَا كَانَ اللَّـهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّـهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ". البقرة: 143.
"أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّـهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ". آل عمران: 142.
"إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّـهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ". آل عمران: 140.
"وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّـهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا". آل عمران: 166-167.
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّـهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّـهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ". المائدة: 94.
"الْآنَ خَفَّفَ اللَّـهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّـهِ وَاللَّـهُ مَعَ الصَّابِرِينَ". الأنفال: 66.
"ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَىٰ لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا". الكهف: 12.
"وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّـهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ".العنكبوت: 3.
"وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ". العنكبوت: 11.
"وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ".سبأ: 21.
"لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّـهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّـهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ". الحديد: 25
"وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ". محمد: 31.
فكيف تُفهم هذه الآيات والتي يلاحظ أنها مواضع ابتلاء وفتنة وتمحيص؟
حاول بعض العلماء القول بأن معنى (لنعلم) هي بمعنى لنرى أو لنميّز، وبعضهم قال: لنعلم العلم الذي يستحق به العامل الثواب والعقاب.
والذي أراه أن هذه الآيات العلم فيها راجع إلى المجتمع وإن كان اللفظ أو الضمير عائد إلى [الله]، وقد سبق أن بيّنتُ أن لفظ [الله] يدلّ على المجتمع بحسب السياق، ولا يدلّ على الخالق حصرًا كما هو الفهم السائد. منه قوله تعالى: " مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ". الحديد: 11 فالقرض يكون للمجتمع لا للخالق سبحانه.
ومن الأدلة على علم الله تعالى للحال والمآل، المسبق والمستقبلي قوله تعالى:
"وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ". البقرة: 216.
بوركتم جميعًا
ولكلّ مجتهدٍ نصيبٌ