الثلاثاء، 15 مارس 2016

التفرقة بين الكتاب والقرآن


من سنن الخالق تعالى أن يرسل الرسل والنبيين وينزل معهم الكتاب، ولم يأتِ القرآن الكريم على ذكر جميع الرسل والنبيين، ومن أتى على ذكرهم لم يذكر كتب العديد منهم. كما أن الكتاب المنزل معهم بالحق هو موجّه للناس، وهنا الناس لفظ عام أريد به الخاص، أي المخاطَبين لا الناس كافة.
”كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّـهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّـهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ“. البقرة: 213.
"لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّـهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّـهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ“. الحديد: 25.
ومن جملة الرسل والنبي الرسول النبي محمّد عليه الصلاة والسلام وقد أنزل/ نزّل عليه الكتاب وهو للناس، لكن هذه المرة للناس جميعًا وكافةً: ”قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّـهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا“. الأعراف: 158. ”وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ“. سبأ: 28.
لذا ينطبق على الرسول النبي محمد عليه الصلاة والسلام سنن الخالق تعالى بأن أنزل/ نزّل عليه الكتاب، وهو للناس جميعًا قال تعالى: ”إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ“. الزمر: 41. ”قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ“. يونس: 108. الفارق الوحيد أنه لمجموع الناس ذلك أنه ختمَ النبوات. قال تعالى: ”وَلَـٰكِن رَّسُولَ اللَّـهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا“. الأحزاب: 40. فختم النبوات، جعل من الكتاب الخاتم، مخاطبًا كل البشرية، وهو خطاب مقاصدي لا خطابًا ألسُنيًا.
والذي أنزل/ نزّل على الرسول النبي محمّد عليه الصلاة والسلام سُمّي بـ (القرآن/ الكتاب) وغيره من الأسماء، وهذا من الترادف الوصفي، فهو [قرآن] من جهة أنه مقروء، وهو [كتاب] من جهة أنه مكتوب، ولكن المراد بالأسماء ذات المسمّى [المصحف]، وكل محاولة للتفريق أو التجزيء بين هذه الأسماء لا تصدم قرآنيًا، بل تنجح المحاولة فقط إذا كانت الدراسة انتقائية لا استقرائية.

فالمصحف بوصفه [كتابًا] هو للناس مؤمنهم وكافرهم، وبوصفه [قرآنًا] هو أيضًا للناس مؤمنهم وكافرهم.

قال تعالى:
”إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ“. الزمر:41.
”وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِينَ“. النمل: 92.

”شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ“. البقرة: 185. 

فالقرآن والكتاب اسمان لمسمّى واحد، على اختلاف الاعتبار، من جهة القراءة [قرآن]، ومن جهة الكتابة [كتاب]. فـ [القرآن] كتاب مبين، و[الكتاب] قرآن مبين. والنتيجة أن المصحف قراءةً وكتابةً مبِين.

قال تعالى:
”طس ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ* هُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ“. النمل: 1-2. ”الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ“. الحجر: 1.

وهذا المصحف الذي بين أيدينا ابتداءً كان [كتابًا] في لوح محفوظ، ثم صُيّر مقروءًا، ثم كُتب مجدّدًا بطريقة تناسب الإنسان.

قال تعالى:
”وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ“. الزخرف: 2-4.

وهذا كما نلاحظ دليل قوي على أن [الكتاب] و[القرآن] اسمان لمسّمى واحد.

وفي [الكتاب] الذي في عالم ما قبل الشيئية (الغيب المسبق) مسطور [المصحف] ذاته:
”وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ“. الزخرف: 4.
وكل شيء مسطور في هذا [الكتاب] الغيبي. قال تعالى:
”وَإِن مِّن قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَٰلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا“. الإسراء: 58.
”النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّـهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَن تَفْعَلُوا إِلَىٰ أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفًا كَانَ ذَٰلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا“. الأحزاب: 6.
”وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ“. الْقَمَرِ: 52، 53.
”وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ“. الأنعام: 59.
”وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ“. يونس: 61.
”وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ“. النمل: 75.
”وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ“. سبأ: 3.

وقد تم وصف هذه المعلومات والوقائع بأنها في [كتاب مبين] بحيث لا تغيب واقعة أو معلومة عن علم الخالق تعالى، فهي معلومة لديه مسبقًا في [إمام مبين].

قال تعالى: ”إنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ“. يس: 12.
على أن هذا العلم المسبق ليس جبريًا ولا إكراهًا، بل هو علم كشفي مسبق، فللإنسان هامش من الحرية ناتج وفاعل عن تقدّم المعرفة بيْد أن النتيجة والمآل معلومان مسبقًا:
”وَاللَّـهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَىٰ وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرٌ“. فاطر: 11.
فالعمر الافتراضي لأي شخص له حد أدنى وحد أعلى، وإذا ما قصّر الإنسان في تغذية بدنه، أو في علاج مرضه، فاحتمال بلوغ الحد الأعلى من عمره ضئيل أو شبه معدوم. وإذا ما عالج مرضه أو اهتم بالتغذية فإن إدراك الحد الأدنى من عمره ضئيل أو شبه معدوم. فما بين الحدّين للإنسان هامش حرية ناتج عن معرفة أنواع التغذية وأنواع الأدوية. على أن بلوغ لأي من الحدين معلوم مسبقًا للخالق تعالى. ومثله يقال في دفع البلايا والمصائب، فهذا كله متوقف على معرفة السنن والقوانين التي تدفع هذه المصائب وتمنع البلايا.
”مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرٌ“. الحديد: 22.
إذا افترضنا أن أحدهم بلغ الحد الأعلى من العمر فهذا يعني أن الحد الأدنى تم محوه، والحد الأعلى تمّ تثبيته، وهنا تأتي هذه الآية لتؤكد أن ما تمّ محوه أو ما تمّ تثبيته فهو معلوم: "يَمْحُو اللَّـهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ“. الرعد: 39.
وهنا أفهم قوله تعالى: ”وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ۖ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا“. الإسراء: 13.
ففي هذا الكتاب مسطور كل شيء، إلا أن هناك سطور ممحية (غير ظاهرة للإنسان)، وفي هذا الموقف بيان للإنسان مدى رحمة الخالق تعالى في العفو، وفي ذات الوقت بيان للإنسان للفرص التي أهملها، ولم يُعمل أدوات المعرفة (السمع ولبصر والفؤاد) لتحصيل أفضل النتائج والمراتب.
أما قوله تعالى: ”وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِّتَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا“. الإسراء: 12.
فالليل والنهار على الأرض لا يغيبان على مدار الساعة، فحركة النهار والليل دؤوبة: ”وَآيَةٌ لَّهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ“. يس: 37. فالنهار هو الطارئ والليل هو الأصل.
فمحو آية الليل إنما هو بالنسبة للناظر في أجزاء الظلمة من الأرض، ولا يعني هذا أن لا وجود لليل، فالمحو هو بمعنى السكون قال تعالى: ”هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ“. يونس: 67. وهو من ظاهر رحمنه تعالى: ”وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ“ القصص: 73.

القرآن تفصيل الكتاب الذي في ”لوح محفوظ“

"وَمَا كَانَ هَـٰذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَىٰ مِن دُونِ اللَّـهِ وَلَـٰكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ".يونس: ٣٧.
ومن يتأمل المصحف يجد أن [القرآن] و[الكتاب] جاء لفظ ”تنزيل“ في وصفهما.
قال تعالى:
تَنزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ“.السجدة: 2. ”تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّـهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ“. غافر: 2.
”إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ * لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ * تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ“. الواقعة: 77-80.

فالقرآن/ الكتاب الذي بين أيدينا هو [تنزيل] من رب العالمين، والقرآن تفصيل [الكتاب] الذي في عالم الغيب المسبق.

قال تعالى:
كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ“. فصلت: 3.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق