يفصل بعض الباحثين وهنا أقصد
م. محمد شحرور ومن تابعه بين مقام النبوة ومقام الرسالة في كتابه (السنة الرسولية
والسنة النبوية) إذ يرى أن "مقام النبوة قابل للتصديق أو التكذيب وغير قابل
للطاعة أو المعصية".
أقول:
1. صحيح
لم تأتِ "الطاعة" إلا في مقام [الرسالة]، لكن "المعصية" أيضًا
جاءت في مقام [النبوة]. في قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا
جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰ أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّـهِ
شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا
يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ
فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ
غَفُورٌ رَّحِيمٌ". الممتحنة: 12.
2.
مقام [الرسالة] فقط هو الذي
ورد فيه قرآنيًا "التكذيب" دائمًا وليس مقام [النبوة].
3. الإيمان
في القرآن الكريم وارد على المقامين [الرسالة] و[النبوة].
من يستقرئ القرآن الكريم يجد الآتي:
مجال الخطاب بلفظ [الرسول].
* خاصّ بزمن محمّد عليه الصلاة
والسلام:
1. "يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّـهِ (وَرَسُولِهِ)
وَاتَّقُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ". الحجرات: 1.*
2.
"إِنَّ
الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ (رَسُولِ اللَّهِ) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ
امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ
عَظِيمٌ". الحجرات:3. *
3. "وَقُلِ
اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ (وَرَسُولُهُ) وَالْمُؤْمِنُونَ".
التوبة: 109.
4. "لَا
تَجْعَلُوا دُعَاءَ (الرَّسُولِ) بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا".
النور: 63. *
5. "وَإِذَا
جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ
إِلَى (الرَّسُولِ) وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ
يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ". النساء:83.
6. "يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّـهَ (وَالرَّسُولَ) وَتَخُونُوا
أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ". الأنفال: 27. *
7.
"وَمَا
أَرْسَلْنَا مِن (رَّسُولٍ) إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّـهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ
إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ (جَاءُوكَ) فَاسْتَغْفَرُوا اللَّـهَ وَاسْتَغْفَرَ
لَهُمُ (الرَّسُولُ) لَوَجَدُوا اللَّـهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا".النساء: 64.
8.
"وَمِنَ
الْأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا
يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللَّـهِ وَصَلَوَاتِ (الرَّسُولِ) أَلَا إِنَّهَا
قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّـهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ
رَّحِيمٌ" التوبة: 99.
9.
"يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ (الرَّسُولَ) فَقَدِّمُوا بَيْنَ
يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَٰلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ
تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ". الحجرات: 12.
* خاصّ بزمن محمد الرسول عليه الصلاة والسلام، ولبعده إلى موت آخر
زوجاته. أما من وقت موت آخر زوجة إلى الآن وحتى قيام الساعة فلا:
قال تعالى:
1. "وَمَا
كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا (رَسُولَ اللَّهِ) وَلاَ أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ
مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا".
الأحزاب: 53.
* خاصّ بزمن محمد الرسول عليه
الصلاة والسلام، فتصلح لوقته حتى مماته عليه الصلاة والسلام، أما من وقت موته إلى
الآن إلى قيام الساعة فلا:
1.
"مَا
أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى (رَسُولِهِ) مِنْ أَهْلِ القُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ
وَلِذِي القُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لاَ
يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ
فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ
شَدِيدُ العِقَابِ". الحشر:17.
* عامّ في كل الأزمان:
1. "لَقَدْ
كَانَ لَكُمْ فِي (رَسُولِ اللَّهِ) أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو
اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا". الأحزاب: 21.*
الخلاصة أن لفظ (الرسول)
ومقام [الرسالة] ليس حصرًا في زمن محمّد عليه الصلاة والسلام ، بل قد يكون عامًا
وصالحًا لكل العصور.
مجال الخطاب بلفظ [النبي]:
* خاصّ بزمن محمّد عليه الصلاة
والسلام:
1.
"يَا
أَيُّهَا (النَّبِيُّ) حَسْبُكَ اللَّـهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ". الأنفال: 64.*
2. "يَا
أَيُّهَا (النَّبِيُّ) اتَّقِ اللَّـهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ
وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا". الأحزاب: 1.*
3. "يَا
أَيُّهَا (النَّبِيُّ) قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ
الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا
جَمِيلًا". الأحزاب: 28.
4. "مَّا
كَانَ عَلَى (النَّبِيِّ) مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّـهُ لَهُ سُنَّةَ
اللَّـهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّـهِ قَدَرًا
مَّقْدُورًا". الأحزاب: 38.
5. "يَا
أَيُّهَا (النَّبِيُّ) إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ
أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّـهُ عَلَيْكَ".
الأحزاب: 50.
6. "وَإِذْ
أَسَرَّ (النَّبِيُّ) إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا". التحريم: 3.
7. "مَا
كَانَ (لِنَبِيٍّ) أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ
تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّـهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّـهُ
عَزِيزٌ حَكِيمٌ". الأنفال:67. *
8. "يَا
أَيُّهَا (النَّبِيُّ) إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰ أَن
لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّـهِ شَيْئًا". الممتحنة: 12.
* الخطاب للنبي وهو خطاب عامّ
لأتباعه:
ومن أمثلتها قوله
تعالى:
1. "يَا
أَيُّهَا (النَّبِيُّ) حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ". الأنفال:
65.
2. "يَا
أَيُّهَا (النَّبِيُّ) جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ
عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ". التوبة: 73،
التحريم: 9.
3. "يَا
أَيُّهَا (النَّبِيُّ) قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ
يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ
فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّـهُ غَفُورًا رَّحِيمًا". الأحزاب: 59.
4. "يَا
أَيُّهَا (النَّبِيُّ) إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ
لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ". الطلاق: 1.
5. "يَا
أَيُّهَا (النَّبِيُّ) قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الْأَسْرَىٰ".
الأنفال: 70.
مما سبق لفظ (النبي) ومقام
[النبوة] ليس خاصًّا أو مقتصرًا في زمن محمّد عليه الصلاة والسلام. بل قد يكون
عامًا في كل العصور.
بوركتم جميعًا
ولكلّ مجتهدٍ نصيبٌ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق