الجمعة، 1 يناير 2016

هل سُحر الرسول النبي عليه الصلاة والسلام؟!!

هل سُحر الرسول النبي عليه الصلاة والسلام؟!!

بيّن الواقدي السنة التي وقع فيها السحر، لما رجع الرسول من الحديبية في ذي الحجة ودخل المحرم من سنة سبع[1]. أما مدة تأثر بالسحر فالإسماعيلي يرى أن الرسول أقام أربعين ليلة، وعند الإمام أحمد ستة أشهر[2]، وقال السهيلي: لم أقف في شيء من الأحاديث المشهورة على قدر المدة التي مكث الرسول فيها في السحر، حتى ظفرت به عند الزهري أنه لبث ستة أشهر فهو المعتمد!![3].

كان الرسول سُحِر، حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن!!، وفي رواية أخرى قال: "سُحر رسول الله رجل من بني زريق يقال له لبيد بن الأعصم، حتى كان الرسول يخيل إليه أنه كان يفعل الشيء وما فعله"[4]. قال الراوي: وهذا أشد ما يكون من السحر، إذا كان كذا. فقال: "يا عائشة أعلمت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه؟ أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي، فقال الذي عند رأسي للآخر: ما بال الرجل؟ قال: مطبوب –مسحور-. قال: ومَن طبه؟ قال: لبيد بن أعصم -رجل من بني زريق حليف ليهود كان منافقًا-. قال: وفيمَ؟ قال: في مُشْطٍ وَمُشَاقَةٍ - المشاطة ما يخرج من الشعر إذا مشط والمشاقة من مشاقة الكتان-. قال: وأين؟ قال: في جُفِّ -وعاء الطلع وغشاؤه -طَلْعِ نَخْلَةٍ ذَكَرٍ تَحْتَ رَاعُوفَةٍ - صخرة تجعل في أسفل البئر إذا حفرت تكون ثابتة هناك فإذا أرادوا تنقيتها جلس المنقي عليها- فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ. قالت: فأتى الرسول البئر حتى استخرجه. فقال: "هذه البئر التي أريتها، وكأن ماءها نقاعة الحناء، وكأن نخلها رؤوس الشياطين". قال: فَاسْتُخْرِجَ. قالت: فقلت: أفلا - تنشّرت–؟ فقال: "أما والله فقد شفاني الله، وأكره أن أثير على أحد من الناس شرًا". فأمر بها فدفنت[5].
إن مسألة سحر الرسول من قِبل اليهود، كما ورد في الروايات بحيث أنه يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن، بغض النظر عن تفسير الحالة التي كان الرسول عليها، سواء كان يظن أنه فعل الشيء ولم يكن فعله، أو أنه كان يظهر له من نشاطه ما ألفه من سابق عادته من الاقتدار على الوطء، فإذا دنا من المرأة فتر عن ذلك، كما هو شأن المعقود[6]. وبغض النظر عن المدة التي استمرت فيه هذه الحالة، فإن ذلك كله مدعاة لتصديق ما زعمه الكافرون في قوله تعالى: "وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلاً مسحورًا"[7]. وقد رد الله قولهم وأبطله، فقال تعالى: "انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلاً"[8]. "لذا فالقرآن جاء بنفي السحر عن رسول الله، حيث نسب القول بإثباته إلى المشركين ووبخهم على ذلك"[9]. والسحر أصلاً خداع وتمويه، وليس له حقيقة.
ثم على فرض صحة ما يقولون من سحر الرسول، فما كان ينبغي له أن يظل يعاني من هذا السحر تلك المدة، فقد ورد أن عنده ما يمنع من تأثير السحر؛ كالأذكار، كما ورد عنه أنه قال: "من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة …كانت له حرزًا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي"[10]. وأيضًا كالعجوة التي بفضلها لا يؤثر السحر عليه كما ورد عنه: "من اصطبح كل يوم تمرات عجوة لم يضره سُم ولا سحر ذلك اليوم إلى الليل"[11].



[1] ابن حجر، أحمد بن علي. فتح الباري شرح صحيح البخاري. ج10، ص 226.
[2] "لبث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ستة أشهر يرى أنه يأتي ولا يأتي"، ابن حنبل، أحمد. مسند الإمام أحمد. مسند باقي الأنصار، حديث السيدة عائشة، حديث رقم: 25079، قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين. ج53، 188.
[3] ابن حجر، أحمد بن علي. فتح الباري شرح صحيح البخاري. ج10، ص 226.
[4] البخاري، محمد بن إسماعيل. صحيح البخاري. كتاب الطب، باب السحر، حديث رقم: 5321، ج18، ص 53.

[5] البخاري، محمد بن إسماعيل. صحيح البخاري. كتاب الطب، باب هل يستخرج السحر، حديث رقم: 5323، ج18، ص 57.
[6] ابن حجر، أحمد بن علي. فتح الباري شرح صحيح البخاري. ج10، ص 227.
[7] الفرقان: 8.
[8] الفرقان: 9.
[9] المراغي، أحمد مصطفى، تفسير المراغي، دار الفكر، ج10ص268
[10] البخاري، محمد بن إسماعيل. صحيح البخاري. كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، حديث رقم: 3119، ج3، ص1198.
[11] البخاري، محمد بن إسماعيل. صحيح البخاري. كتاب الطب، باب الدواء بالعجوة للسحر، حديث رقم: 5326، ج18، ص 63.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق