الخميس، 7 أغسطس 2014

بنو إسرائيل وبنو صهيون



   



     إن المتأمّل في كتاب الله تعالى لا يجد نسبةً لفلان، إلا لآدم ولإسرائيل، فقد ورد [بنو إسرائيل] 41 مرّةً، ولا شكّ أن ثمّة فرق بين [اليهود] و[بنو إسرائيل] فالأول وصفٌ لجماعةٍ تجتمع فيها صفاتٌ معينةٌ، والأخير وصف لنسْلٍ يرجع إلى إسرائيل، كما أن الناس يرجعون إلى آدمَ فهم [بنو آدم].



     ونجد أن الله تعالى قد قضى بحكمته لـ [بني إسرائيل] فرصَتيْن يكون حالهم فيهما فساد كبير، قال تعالى: "وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَ‌ائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْ‌ضِ مَرَّ‌تَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرً‌ا". الإسراء: 4.

     وعند التأمل في كتاب الواقع نجد أن ما يُسمّى بدولة إسرائيل وهي كما لا يخفى وليدة مشروع استعماري التي تمثّل وجه الفساد وإن جمّلوه بمعادلة المقارنة مع فساد حكّام العرب، ونجدُ في المقابل المقاومة المسلمة وصدّها لعدوان هذا الكيان كما شهدناه ولمّا تضع الحرب أوزارها بعدُ التي تمثّل وجه الأحقيّة وإن شوّهوها بمعادلة القياس مع توجهّات بعض حركات المقاومة الأخرى.

وجمعًا بين القراءتين (القرآن والواقع) فإن هذا العُدوان من كيانٍ  آثمٍ، وهذا الردّ من حركةٍ تقاوم، ليس إلا أوّل المخاض، إذ في فلسطين يُرفع لواءُ  الحقّ فيستجيب له كل إنسان حرّ، وفي فلسطين يُرفع لواء الباطل فيهرع إليه كل شخص تجرّد من إنسانيته، وتدور رحى الحرب فيسقط الشهداء بل يرتفعون وتتجدّد الدماء فتزكوا الأنفس وتتزكّى الصفوف، وتشتدّ السواعدُ، ويتجلّى الحقُّ ويتبدّى، وفي ذات المقام يخسر العدو ويتمسّك بخياراته الهوجاء، ويُمدُّ بأموالٍ وبنينَ، ويزيدُ نفيرًا ونفورًا، وفي ساعة الحسْم، حين تتكشف الصهيونية عن وجهها وتظهر نسلها [بنو إسرائيل]، وحين تتنقّى صفوف المجاهدين ويظهر [عبادًا لنا] في تلكم الساعة، يأتي وعد الله تعالى فيُهزم [بنو إسرائيل] ومَن شايعهم في العالم كلّه، ليكونوا ما بين مَن نالَ الدمار والتبار وبين مَن ذاق مرارة إساءة الوجه والعار، في تلكم الساعة يتحرّر المسجد الأقصى، فيكون مركز العالمين. 

     لذا فما زلنا في بدايةَ المشوار، فوجه الصهيونية لم يسقط بعد، لكنه حتمًا سيسقط، ولستُ مع من يُحدّدًا وقتًا لموعد التحرير، وإنما المطلوب هو الإعداد، والعمل، فزوال الصهيونية  وبني إسرائيل مرهون بذهنية ونفسية العربي والمسلم، أكثر من ارتهانه بمدد أعوانه. جندٌ قليلون يواجهون جيشًا عرمرَم، لم يَصمدوا أمامهم ولم ينجحوا في القضاء عليهم، ليس لأنهم أقوياء أو أذكاء، بل لأن ذهنية المقاوم المسلم ونفسيّته هي من هزمهم وهي من دحرهم.

"إِن تَنصُرُ‌وا اللَّـهَ يَنصُرْ‌كُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ". محمّد: 7.

بوركتم جميعًا
ولكلّ مجتهدٍ نصيب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق