مغالطة مقارنة تراث المسلمين بتراث اليهود والمسيحيين
يحاول بعض المثقفين المسلمين في الآونة الأخيرة في سعيهم
لتحقيق تراث المسلمين الالتجاء إلى نظرية [المؤامرة] التي تفترض موجود مؤسسة مجهولة
سرّيّة قامت بتشويه الإسلام وتزييفه.
ويقرّرون هذه الفرْضية من خلال عقد مقابلة ما جرى في
التراث المسيحي بما حدث لتراث المسلمين وهذا الفرْض برأيي فيه مغالطات، والسبب الرئيس
أن أصل دعوة المسلمين محفوظ على نسقٍ واحدٍ وهو القرآن الكريم، أما بخصوص النصارى فالإنجيل
لم يحفظ والنبي الرسول عيسى (ع) اضطُهد ولم
يستقر له حال، وأتباعه من بعد مطاردون، كما أنّ تدوين تعاليمه تأخّر، ودخلته الأساطير
والمبالغات، وثمة شيء مهم وهو الترجمات، ومعلوم أثر الترجمة في تغيير دلالات الألفاظ.
أما في الإسلام فقد أتى القرآن الكريم على بعض قصص وأحداث
التوراة والإنجيل وغيرهما من الكتب، لكن بعد غربلة وتمحيص، ولم يخضع القرآن للترجمات،
كما أن الرسول النبي (ص) مُكّن له واستقر له الحال، وأصبح أتباعه دعاةً أحرارًا ذوي
قوة ونفوذ.
لكن ما حصل في تراث المسلمين هو شرح آيات القرآن بالاعتماد
على الإسرائيليات دونما تمحيص، وأحدثوا قواعد علوم القرآن مثل الناسخ والمنسوخ بالمعنى
المتأخّر، واعتمدوا على الروايات المنسوبة إلى الرسول (ص) دونما أن يكون القرآن هو
المهيمن عليها، فدخلت الخرافات والإساءات والمغالطات والبالغات والسخافات. بالرغم من
وجود علماء حاولوا صيانة الرواية وحمايتها عن كل ضعف ودخَل، إلا أنها جهود بشر، يصيبون
ويخطئون، لكن فاتهم أن يكون معيارهم القرآن لا تقديس الرجال.
لذا لا يمكن بحال من الأحوال سحب تراث المسلمين من حيث
تاريخانيته والمكيانزيمات التي مرّ بها إلى تراث أهل الكتاب، فالمفارقة بعيدة جدًا.
وعلى كل حريص على تراث المسلمين أن يسلك منهجًا مطردًا
يقوم على أساس القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل، وبهذا يخلّص التراثُ من نقائصه
وشوائبه، ويتخلّص المسلمونَ من تصرفات داعش ومصائبه.
بوركتم جميعًا
ولكلّ مجتهدٍ نصيبٌ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق