الأربعاء، 1 أكتوبر 2014

الأضحية في القرآن الكريم والروايات:


الأضحية في القرآن الكريم والروايات:

قال تعالى: "لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ". الحج: 28.
"وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ".الحج: 30..."لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ". الحج: 33. "وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّـهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ * الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّـهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَىٰ مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّـهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ۖ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّـهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ۖ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * لَن يَنَالَ اللَّـهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَـٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّـهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ ۗ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ" الحج: 33-37.
"وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ". البقرة: 196.

* الأضحية يُبتغى فيها الأجر من الله تعالى: قال تعالى: "قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ". الأنعام: 162.
"إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّـهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا". الإنسان: 9.

* الأضحية من شعائر الله تعالى: "ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّـهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ". الحج: 32.
*والمقصد من الأضحية هو تحصيل التقوى. فالله تعالى لن يناله لا اللحوم ولا الدماء: 
"لَن يَنَالَ اللَّـهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَـٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ كَذَٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّـهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ". الحج: 37.

* ذلك أن اللحوم تصل إلى البائس الفقير والقانع والمعترّ: "فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ". "فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ". والمساكين واليتامى والأسرى.

* وللأضحية زمن محدد: "فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ". الكوثر: 2.

مما سبق نلاحظ أنه لم يرد في القرآن الكريم إلا المقصد من الأضحية وهو (التقوى)، وتحديد نوعها (بهيمة الأنعام)، وزمان الذبح (بعد الصلاة)، وتحديد مَن يأكل منها ويُعطى منها.

أما في الروايات وهنا لا أناقش إلا روايات البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى أي التي صحّ سندها. حيث وردت بعض الروايات تفيد تحديد سنّ وعمر الأضحية (زائد على القرآن) وتوقيت الذبح (موافق للقرآن).
وحتى نعالج الأمر بمنهجية متزنة أطرح التساؤلات الآتية:
  1. هل الأضحية واجبة؟ لا على الراجح.
  2.  وهل يعتّد بالعُمر؟ أم العبرة بالوزن؟ الوزن.
  3. وهل العبرة بكمية اللحم؟ أم بطيب اللحم؟ وفرة اللحم لا طيبته.
  4. وهل العبرة بالتقوى؟  بالتأكيد.
  5. وهل توقيت الأضحية معتبر؟  بالتأكيد. وهو موافق للقرآن الكريم.
  6. وهل يصحّ أن يرخص الرسول النبي (ص) لأحد من أصحابه في ارتكاب مخالفة؟؟ لا يعقل!.

في الروايات:

1- رواية عن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تذبحوا إلا مُسنّة إلا أن تعسّر عليكم فتذبحوا جَذعة من الضأن". رواه مسلم.
والنهي في هذه الرواية لا يفيد الكراهة أو التحريم، بل هو من باب الندب والاستحاب.
وليس في الرواية ما يفيد حرمة ذبح الجدعة من الضأن.
2- رواية عن عقبة بن عامر قال: "قسّم الرسول صلى الله عليه وسلم فينا ضحايا فأصابني جذع، فقلت: يا رسول الله! إنه أصابني جذع، فقال: "ضحِّ به". رواه مسلم.
عنْ عُقْبَةَ بنِ عامِر رَضِي الله عنهُ أَن النَّبيَّ أَعطاهُ غَنَماً يَقْسِمُها عَلى صَحابَتِه ضَحايا فبَقِيَ عَتُودٌ فَذَكَرَهُ للنبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: "ضحِّ أنتَ بهِ". رواه البخاري.
فالرواية هذه تفهم من خلال الرواية الأولى فقد تعسّر على عقبة بن عامر تحصيل المسنة إذ كان نصيبه من القسمة جذعة، ولم يتوفر له غيرها.

3- عنِ البرَاءِ بنِ عازِبٍ رَضِي الله عَنْهُمَا ضَحَّى خالٌ لِي يُقالُ لهُ أبُو بُرْدَةَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَقَالَ لهُ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: "شاتُكَ شاةُ لَحْمٍ". فَقَالَ يَا رسولَ الله: إنَّ عِنْدِي داجِناً جَذَعَةً مِنَ المَعَزِ. قَالَ: "اذْبَحْها وَلَنْ تَصْلُحَ لِغَيْرِكَ". ثُمَّ قَالَ: "مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فإِنَّما يَذْبَحُ لِنَفْسِهِ ومَنْ ذَبَحَ بعْدَ الصَّلاَةِ فقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ وَأصَاب سُنَّة المُسْلِمين". رواه البخاري.
عنِ البرَاءِ قَالَ ذَبَحَ أَبُو بُرْدَةَ قَبْلَ الصَّلاَة فَقَالَ لَهُ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: "أبْدِلْها". قَالَ لَيْسَ عِنْدِي إلاَّ جَذَعَةٌ قَالَ شُعْبَةُ: وأحْسِبُهُ قَالَ هِيَ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّةٍ قَالَ: "اجْعلْها مَكانَها ولَنْ تَجْزِيَ عنْ أحدٍ بَعْدَكَ". رواه البخاري.
وفي روايات أخرى: (ولا رخصة فيها لأحد بعدك)، (ولن تُجزيَ عن أحد بعدك)، (وليست فيها رخصة لأحد بعدك)
الرواية تعالج موضوع تحديد زمان ذبح الأضاحي، فأبي بردة (رض) ذبح شاتَه قبل الصلاة، والأصل أن يكون الذبح بعد الصلاة لا قبلها. "فصلّ لربك وانحر". الكوثر: 2. فاعتبرت شاته شاة لحم لا شاة أضحية. وهنا الصحابي أراد حلاً لما واجهه، فأرشده الرسول النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى ذبيحة آخرى مكان الأولى.
والأضحية في الأصل كما هو راجح ليست واجبة.
عن البراء بن عازب أن خاله أبا بردة بن نيار ذبح قبل أن يذبح النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: إن هذا يوم اللحم فيه مكروه وإني عجلت نسيكتي لأطعم أهلي وجيراني وأهل داري فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعِد نسكًا" فقال: يا رسول الله إن عندي عَناق لبن هي خير من شاتي لحم فقال: "هي خير نسيكتيك ولا تجزي جذعة عن أحد بعدك". رواه مسلم.
اللحْم فيه مكروه: بتسكين الحاء؛ يُشتهى فيه اللحم.
اللحَم فيه مكروه بفتح الحاء؛ ترك الذبح والتضحية. وبقاء أهله فيه بلا لحم حتى يشتهوه مكروه.
فقضية لا تجزي غيرك أو تصلح لغيرك المقصود بها هي الذبيحة قبل الصلاة، لا العناق أو جذعة المعز. 
فلا يعقل أن يستثني الرسول النبي صلى الله عليه وآله وسلم أحدًا بعيْنه من شرط مشروط.
لذا فالروايات تحدد عمر الأضحية والحكمة من هذا التحديد هو وفرة اللحم.
فهل العبرة بالعمر أم بالوزن؟
يمكن القول إن العبرة هي بالوزن والذي يتكون بفعل التغذية عبر الزمن، ويتأثر الوزن حاليًا بنوع التغذية، فتصير الأضحية وافرة اللحم في فترة زمنية قصيرة. وعن أبي أُمَامَةَ بْنَ سَهْلٍ قَالَ: "كُنَّا نُسَمِّنُ الْأُضْحِيَّةَ بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُسَمِّنُونَ". رواه البخاري. 
وإذا كان المقصود من الأضحية هي إطعام المحتاجين لوجه الله تعالى، فإن وفرة اللحم هي المقصودة.
والمقصود في الضحايا وفرة اللحم، فشاة نفيسة أفضل من شاتين غير سمينتين بقيمتها.
ولو كان تحديد سنّ الأضحية من أمور التعبّد الواجب الالتزام بها، ويحرم -كما يصرّ بعض التقليدين- ذبح ما دون السنّ المطلوب، فكيف يسمح الرسول النبي صلى الله عليه وآله وسلم بارتكاب مخالفة من أحد صحابته. كأبي بردة وجعل ما فعله خاصًا به؟!!
لم يبقَ إلا أن يقال إن تحديد سنّ الذبيحة هو من باب الاستحباب لا من الأمور التعبدية، فلا يصح أن يقال هنا إن الأصل في العبادة التوقف. والمقصود من تحديد السن آنذاك هو وفرة اللحم.
ويمكن القول إن الحكمة هي المحافظة على نسل الحيوانات فلو ذبح الناس الأضاحي مما لم تبلغ بعد السنّ فإنه يؤثر في تناسلها، وإن كان صغير بهيمة الأنعام أطيب لحمًا إلا أن العبرة ليست في طيبة اللحم بل في وفرته.
فالأضاحي قرآنيًا المقصود منها هو الإطعام أما الروايات فهي لتخليص الذنوب والخطايا وبالمناسبة كل هذه الروايات ضعيفة:

1- عن زيد بن أرقم قال: « قال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله ما هذه الأضاحي قال: (سنة أبيكم إبراهيم) قالوا: فما لنا فيها ؟ قال: (بكل شعرة حسنة) قالوا: فالصوف ؟ قال: (بكل شعرة من الصوف حسنة) » ضعيف أو موضوع.
2- عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: « قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة : قومي فاشهدي أضحيتك، فإنه يغفر لك بأول قطرة من دمائها كل ذنب عملتيه، وقولي: { إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ } ضعيف إلى قوله من المسلمين . قال عمران : قلت: يا رسول الله هذا لك ولأهل بيتك خاصة أم للمسلمين عامة قال: لا، بل للمسلمين عامة. ضعيف.
3- عن عائشة رضي الله عنها قالت: « قال النبي صلى الله عليه وسلم: ضحوا وطيبوا بها أنفسكم، فإنه ليس من مسلم يوجه ضحيته إلى القبلة إلا كان دمها وفرثها وصوفها حسنات محضرات في ميزانه يوم القيامة، وكان يقول: أنفقوا قليلا تؤجروا كثيرا، إن الدم وإن وقع في التراب فهو في حرز الله حتى يوفيه صاحبه يوم القيامة » .ضعيف.
---------
المسنة هي الثنية من كل شيء من الإبل والبقر والغنم. وعليه فلا يجزئ من البقر إلى ما أتمت سنتين ودخلت في الثالثة،  ولا من الإبل إلا ما أتمت خمس سنين ودخلت في السادسة، وأما الغنم فلا يجزئ فيها إلا الجذع من الضأن. والمشهور عند أهل اللغة أنه هو الذي أكمل سنة تامة. وقيل ابن ستة أشهر وقيل سبعة وقيل ثمانية وقيل عشرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق