الخميس، 2 أكتوبر 2014

الآيات والعلامات هي [بلاء مبين]

الآيات والعلامات هي [بلاء مبين]
تكررت رؤيا إبراهيم لذبح ولده مرارًا "إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ". الصافات: 102. وهذا جعل من الرؤية واضحة لا يتخللها غبش أو التباس، ومما زاد في وضوحها جواب ولده لما سأله: "فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّـهُ مِنَ الصَّابِرِينَ". الصافات: 102.
في هذه اللحظات يقدم إبراهيمُ وولدُه لتنفيذ وتطبيق الرؤيا. وفجأة وقبل القيام بذبح الولد نادى الرب إبراهيم: "وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ". الصافات: 104-105.
فالرب اعتبر ما قام به إبراهيم تصديقًا للرؤيا بالرغم من عدم تنفيذها فعليًا، لكن الاجراءات والاستعدادات دلّت على صدقه، فكان هذا البلاء (بلاء مبين)، "إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ". الصافات: 106.
ورد مركب (بلاء مبين) في موضع آخر وحيد وهو قوله تعالى:
"
وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ –بني إسرائيل- عَلَىٰ عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ* وَآتَيْنَاهُم مِّنَ الْآيَاتِ مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُّبِينٌ". الدخان: 32-33.
ومعلوم أن اختيار الرب لبني إسرائيل على أمم عصرهم لحكمة يعلمها، ومشروطة بالأخذ بالميثاق، وقد آتاهم الله تعالى الآيات المؤيدات والعلامات الواضحات وفيها (بلاء مبين).
لكن ما هو الاختبار الواضح في قصة إبراهيم وما هي الآية أو العلامة؟ 
فإبراهيم اختبره ربه في ذبح ولده، وقد كانت الرؤيا تدل بوضوح على هذا وجواب ولده أكدها، وقد سمّى الرب إبراهيمَ محسنًا، والقانون الإلهي يقتضي: "هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ". الرحمن: 60.
فإحسان إبراهيم لا بدّ أن يقابل بإحسان مماثل، فكان الإحسان: "وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ *وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ *سَلَامٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ * كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ * وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ *وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَىٰ إِسْحَاقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ". الصافات: 107-113. 
فبخصوص الولد فقد تمّ افتداؤه بذبح عظيم، ومعلوم أن بهيمة الأنعام لا يمكن أن تساوي قيمة الإنسان مهما عظمت.
ومعلوم أن إبراهيم دائم التفكر وكثير التساؤل، فلا بدّ أن الله تعالى أطلعه على آية أو آيات في هذه اللحظات الصعبة، وقد علمنا سابقًا أن إبراهيم قد أعاد للأنعام دورها في القرابين بعد أن حرَف الشيطانُ الناس إلى القرابين البشرية، فما الذي علِمه إبراهيم في تلك اللحظات؟ إذ معاناة إبراهيم كانت ذهنية لا جسدية.
  1. لما لم تكن الرؤيا من الشيطان ومع أن ولد إبراهيم لم يرتكب أي ذنب، ولا إبراهيم نفسه، فلا بدّ من تنفيذ أمر الذبح.
  2. من المفترض إن تمّ ذبح ولده أن يقوم الربّ بإحيائه تارةً أخرى، وهذه متيقَّن منه بالنسبة لإبراهيم.
  3. أما أنه لم يقمْ بذبحه بل قام بذبح كبش عظيم بدلاً عنه، فهذا من شأنه يفتح تساؤلات لدى إبراهيم.
لماذا لم يذبح فعليًا ولده؟ لماذا افتدِيَ ولده بذبح عظيم؟ ما هو المقصد من كل هذا؟ ما هي الآية التي عَلِمها إبراهيم بعد هذه المعاناة الذهنية؟؟


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق