الجمعة، 17 أكتوبر 2014

تأثير القرآن الكريم [القلوب الخاشعة] و[القلوب القاسية]


يشكّل القرآن الكريم مركز تأثير في الإنسان لما يحمل من دلالات ومعانٍ تحرّك فيه الإيجابيات وتدفع بها ليكون نافعًا ومصلحًا. وهذه هي حالة [الخشوع]. بمعنى أن الإنسان يصبح منسجمًا مع نفسه ومع الكون بفِعل وتأثير القرآن الكريم.
قال تعالى مُحفّزًا المؤمنين:
"أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّـهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ". الحديد: 16.
فـ[ما نزل من الحقّ] يجعل قلوبَ المؤمنين خاشعةً؛ والقلب في القرآن الكريم هو مصدر التدبّر والتفكير كما في قوله تعالى: "أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا". محمد: 24. وقوله: "صَرَفَ اللَّـهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ". التوبة: 127.
فأصحاب [القلوب الخاشعة] شخصيات رائعة منسجمة مع ذاتها، نافعة لنفسها ولمن يُحيط بها، وذات تفكير سليم، كل هذه الصفات إنما هي من تأثير القرآن الكريم ومنهجه.
وعلى نقيض [القلوب الخاشعة] تكون [القلوب القاسية] التي لا تدَع لتأثير القرآن الكريم أي مسلك أو طريق، فهي شخصيات منتناقضة مع ذاتها، أنانية إحسانها قائم على المصالح وما يجلب المنفعة لنفسها.
والأصل في الإنسان أن يوثر فيه القرآن الكريم إلا من تكبّر وانصرفَ عنه، ومن تأثير القرآن الكريم في الإنسان المؤمن أيضًا قشعريرة الجلود، ثم ليونة الجلود ومواضع التفكير. كما في قوله تعالى: "اللَّـهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّـهِ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّـهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّـهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ". الزمر: 23.
وأثر خشية الله تعالى يختلف باختلاف طبيعة المخلوقات، فالحجارة (مخلوقات) وتأثير خشية الله تعالى لديها يكون بالهبوط: "ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّـهِ وَمَا اللَّـهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ". البقرة: 74.
والجبل (مخلوق) خشوعه يكون بالسكون والتصدّع: "لَوْ أَنزَلْنَا هَـٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّـهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ". الحشر: 21.
وعند التأمل في القرآن الكريم نجد أن أثر الخشوع لدى المؤمن (المخلوق الإنساني) لا يكون بالتصّدّع ولا بالهبوط، الواقع القرآني يؤكّد أن من الحجارة ما يهبط من خشية الله تعالى، وإذا كانت الجبال حجرية فيكون خشوعها بالتصدّع، وعليه فيكون معنى المثل المضروب بإنزال القرآن الكريم على الجبل، أنه بالرغم من أن القرآن الكريم لم ينزلْ على الجبل، ولا الجبل مهيّؤٌ لاستقبال القرآن الكريم. إذ الإنزال يتطلّب قبله التهيئة حتى يحصل التأثير.
فلو كان هذا القرآن منزلاً على الجبال لكان التأثير فيه ساريًا، لكن الواقع أن القرآن الكريم أنزل مهيّاً لاستقبالات الإنسان، ففريقٌ من الإنسان قستْ قلوبهم ولم يدعوا القرآن الكريم يؤثر فيهم تكبّرًا منهم أو خوفًا على مصالحهم. وكان الأوْلى بهم لو تفّكروا في المنافع التي يهبها القرآن الكريم لتمسّكوا ومسّكوا به.

بوركتم جميعًا
ولكلّ مجتهدٍ نصيبٌ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق