مفهوم الدين
معنى الدّين في اللغة: "هو جنسٌ من الانقياد والذُّل. فالدِّين: الطاعة، يقال دانَ له
يَدِين دِيناً، إذا أصْحَبَ وانقاد وطَاعَ. وقومٌ دِينٌ، أي مُطِيعون منقادون"[1].
فالدين هو قوانين وتعاليم يضعها صاحب السلطان (الربّ أو الملِك)،
وعلى الأتباع الانقياد لها والالتزام بها. ويكون جزاؤهم حسْب التزامهم بالتعاليم
وإنجاز المطلوب منهم في الدنيا إن كان ملِكًا، أو في الدنيا ويوم الدّين –الجزاء-
إن كان صاحب السلطان هو الله تعالى.
والانقياد قد يصاحبه تصديق وإيمان به، وقد يكون خوفًا واستسلامًا. أو
إكراهًا. وهذا ما لا يريده ولا يقبله الله تعالى: "لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ"[2]. "قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ
تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ"[3].أي؛ لَمْ تصدّقوا، ولكن قولوا
اسْتَسلمنا من خوف السيف أو تعوُّذاً من القتل، وانْقَدْنا[4]. فلا سلطان لأحد على أفكار
الناس واعتقاداتهم قال تعالى: "أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى
يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ"[5]. "فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ"[6].
فالدين يماثل الإسلام بمعنى الاستسلام، والإيمان يكون بمعنى
الاستسلام مع التصديق، والمطلوب هو الخضوع مع الإيمان، فلا يُقبل خضوع دونما
إيمان، ولا يكمُل إيمان دونما خضوع. كما لا يُقبل إيمان بعد فوات الأوان كحال
فرعون: "فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا
أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ
بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ"[7].
والدين في القرآن يأتي على
معانٍ:
1- الطاعة والانقياد:
ويصلح ذلك على الإسلام، وهو
الخضوع والانقياد والاستسلام: "وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ
ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ"[10]. وفي معرض جدال أهل
الكتاب"وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى
تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * بَلَى
مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ
وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ"[11].
"لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ"[12]. أي؛ لا إكراه في الانقياد
والطاعة ولا إجبار.
"إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ
الْإِسْلَامُ"[13].
أي إن الدّين الصحيح المقبول عند الله تعالى هو ما كان سليمًا غير فاسد ولا
محرَّف، فكلّ خضوع لله تعالى غير سليم غير مقبول، وكل خضوع سليم أُريد به غير الله
أيضًا غير مقبول.
2- الإخلاص والتوحيد:
"وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى
لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ"[14]. قال ابن عباس: أي؛ يُخلَص
له التوحيد.
3- التعاليم والرابط
العقدي:
"وَطَعْنًا فِي الدِّينِ"[15]. "لِيَتَفَقَّهُوا فِي
الدِّينِ"[16]. "وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ
فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ"[17]." فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ"[18].
4- دين محمد r:
"وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ
دِينًا"[19].
سؤال جبريل عليه السلام يؤكّد ذلك: "مَا
الْإِسْلَامُ؟ قَالَ النبي r: "الْإِسْلَامُ
أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا"[20].
"يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ"[21].
5- النظام الذي يُدان الناس به، أي يعامَلون
بقوانينه:
"ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ"[22]."مَا
كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ"[23].
6- يوم الجزاء:
الدين في اللغة : مشتق من الفعل الثلاثي (دان) وهو تارة يتعدى بنفسه ، وتارة باللام ، وتارة بالباء .
- إذا تعدى بنفسه (دانه) بمعنى ملكه وساسه .
- إذا تعدى باللام (دان له) بمعنى خضع له.
- إذا تعدى بالباء (دان به) بمعنى اتخذه ديناً ومذهباً.
الدين في الإصطلاح : وأرجح التعريفات أن يقال : هو اعتقاد قداسة ذات ، ومجموعة السلوك الذي يدل على الخضوع لتلك الذات ذلاً وحباً ، رغبةً ورهبةً.
- إذا تعدى بنفسه (دانه) بمعنى ملكه وساسه .
- إذا تعدى باللام (دان له) بمعنى خضع له.
- إذا تعدى بالباء (دان به) بمعنى اتخذه ديناً ومذهباً.
الدين في الإصطلاح : وأرجح التعريفات أن يقال : هو اعتقاد قداسة ذات ، ومجموعة السلوك الذي يدل على الخضوع لتلك الذات ذلاً وحباً ، رغبةً ورهبةً.
[1] ابن فارس، أحمد بن زكريا، معجم مقاييس اللغة، تحقيق:
عبد السلام محمد هارون، بيروت: دار الفكر، 1979م، ص319، ج2.
[3] الحجرات: 14.
[5]
يونس: 99
[7] يونس: 90.
[9] الجوزي، عبد الرحمن بن علي، زاد المسير في علم التفسير،
ص469، ج2.
[13] آل عمران:19.
[14] البقرة: 193.
[17] الأنفال: 72.
[18] التوبة: 11.
[19] المائدة: 3.
[20] البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، كتاب
الإيمان، باب سؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان والإسلام والإحسان
حديث رقم: 48، ص87، ج1.
[21] الحجرات: 17.
[22] التوبة: 36.
[23] يوسف: 76.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق