الاجتهاد والتجديد (2)
معيار القيَم
نصوص الشريعة من قرآن كريم أو ما يوافقه من روايات، ينبغي قراءتها وفق المنهج المقاصدي القائم على معيار القِيَم، كقيمة العدل والقسط، والحرية والصلاح والفلاح، فكل النصوص إنما تصب في تحقيق هذه القيَم.
وهذه القيَم نسبية ليست مطلقة؛ أي أنه في ظرف زماني أو مجتمع ما تكون القيمة ذات سقف معيّن، إذا ما قارناها بظرف زماني لاحق أو سابق، أو بمجتمع في مكان آخر في نفس العصر أو في عصر سابق أو لاحق، لكن المقطوع به أن هذه القيَم يتقبّلها ويطلبها كل إنسان سوي لأنها تنسجم مع تكوينه، خلا بعض الأشرار الذي يرون في هذه القيَم تفويتًا أو تقليلاً لمصالحهم.
ومن المقطوع به أن هذه القيَم يتقدّم مستواها مع تقدّم البشرية، ويتطوّر منسوبها، لذا لا يجدر بمجتمع ينشد التطوّر والتحضّر التراجع عن مستوى تقدّم هذه القيَم، وهي الحدود التي لا ينبغي على الإنسان الواعي أن يتعداها. وإذا كانت نصوص الشريعة والروايات الموافقة له، تحوي قيَمًا إلا أنها نسبية، فهي متقدّمة على ما سبقها أو عاصرها من قيَم إلا أن بعض التطبيقات المنصوص عليها غدت مع تقدّم البشرية متأخرة، والقبول بها اليوم هو تعدٍّ للحدود. لا سيّما أن القيَم كلما قلتُ تتقدّم لا تتخلّف، فالنص ثابت والقيَم تتقدّم، وعلى الثابت أن يلحق بالمتقدّم. وإلا كانت الهوة كبيرة وحالة الانفصام ظاهرة.
إن رسالة الإسلام قائمة على إعمال الفكر والتعقل -الذي يحذّر منه كثيرون-، والنص إنما جاء لتفعيل وتحفيز العقل البشري نحو ما ينفع الخلق أجمعين.
بوركتم جميعًا
ولكلّ مجتهدِ نصيبٌ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق