الأربعاء، 30 ديسمبر 2015

التاريخ النضالي لا يُبرّر الخطايا



التاريخ النضالي لا يُبرّر الخطايا
فضلُ أحدهم في معركة فاصلة مع عدو لا يُبرّر له ارتكاب الخطايا أو المسامحة وعدم المحاسبة، ومن أبرز التشريعات لتبرير هذا النوع من الأغلوطات هو رواية عدّوها في الصحيح!! وهي "لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفر لكم". في حق الصحابي "حاطب بن أبي بلتعة" وقد كتب رسالة سرّية إلى ناس من المشركين من أهل مكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا حاطب ما هذا؟ فكان الردّ: لا تعجل علي يا رسول الله إني كنت امرأ ملصقًا في قريش قال سفيان كان حليفًا لهم ولم يكن من أنفسها أكان ممن كان معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ فيهم يدًا يحمون بها قرابتي ولم أفعله كفرًا ولا ارتدادًا عن ديني ولا رضا بالكفر بعد الإسلام.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صدق. فقال عمر: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق.
فقال: "إنه قد شهد بدرًا وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم"!!
فأنزل الله عز وجل: "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء". الممتحنة: 1.


لستُ أرى هذه الرواية إلا تبريرًا لخطايا لمن تمّ تصنيفهم بـ "الرعيل الأول" أو "ذوي التاريخ النضالي"، وكم عانيتُ سواء في المساجد أو الجامعات وما زلتُ من هذه النوعيات، وتعليقًا على الرواية فإن الصحابي حاطب بن أبي بلتعة وإن كانت خطته لم تتحقق كونها اكتشفت سريعًا، إلا أن فعله يعدّ خيانةً وتبريرها لا يكفي.
لكن انتبهوا...

ما تقوّلوه على الرسول النبي عليه الصلاة والسلام:
"لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفر لكم".
وانظر إلى قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء". الممتحنة: 1.

وبعد ذلك انظر إلى قول شرّاح الرواية: قال العلماء: معناه الغفران لهم في الآخرة! وإلا فإن توجّه على أحد منهم حدّ أو غيره أقيم عليه في الدنيا. ونقل القاضي عياض الإجماع على إقامة الحدّ، وأقامه عمر على بعضهم. قال: وضرب النبي صلى الله عليه وسلم مسطحًا الحدّ وكان بدريًا.

أقول صحيح إقامة الحدّ فيما لو أصابه أحد من الصحابة، لكن ليس في الرواية ما يفيد أن (الغفران لهم في الآخرة). لأن ما فعله الصحابي حاطب بن أبي بلتعة يستوجب العقوبة ولو مخففة، ولو لم تحصل المفسدة لاكتشافها، وأسوأ ما في الرواية هو التأسيس لتبريرات لذوي التاريخ النضالي، والأسوأ هو عدم التفريق بين المعاصي المتعلقة بحقوق الله تعالى والمعاصي المتعلقة بحقوق العباد، وهذه لا يغفرها الله تعالى إلا بعد غفران المظلومين، فحقّ الله تعالى قائم على المسامحة وحقوق العباد قائمة على المشاححة.

فما تورنَه من تخبّط في الحركات "الإسلامية" ناتج من أزمة فهم، وقائم على مصالح ذاتية فوق اعتبار أيّ قيَم.

بوركتم جميعًا
ولكلّ مجتهدِ نصيبٌ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق