يعترض بعض الباحثين على بعض المصطلحات والمفاهيم
السائدة ويُشنّع على الناس استعمالهم لها، بحجّة أنها لم ترد في القرآن الكريم
مطلقًا، أو بحجّة أن المفهوم السائد مغاير لما في القرآن الكريم.
ابتداءً صكّ المصطلحات لا
حرج فيه، والمصطلح يأتي من اللسان الدارج بحيث يتم اختيار لفظ ما، فينقله من معناه
الشائع إلى معنى جديد في حقل من الحقول، فالقرآن ذاته استعمل هذه
"التقنية" فمثلاً لفظ [الصلاة] نقلها من معناها الشائع ومن وضعي اللغوي
إلى وضع جديد
"شرعي" لتعطي مدلولا
خاصًا، ومثلها لفظ [الزكاة]، وأحيانًا يأتي بتعبير جديد ليدلّ على معنى جديد مثل
تركيب [غُلّت أيديهم].
فنحن نرى أن هذه التقنية لا حرج فيها، وقد تابع
علماء المسلمين في صكّ بعض المصطلحات اعتمادًا على الألفاظ القرآنية أو من الوعاء
اللغوي [العقيدة]، [المعجزة]، [التجويد]، [التوحيد]، [الفقه]، [الحديث]، [الأصول]،
[الحجاب]، [السُّنّة] [الحكم] [المحاقلة، المزابنة]. لمزيد من المصطلحات ينظر:
(معجم لغة الفقهاء للقلعجي).
فـ[الحديث] مثلاً مصطلح خاص وضعه أهل الحديث، للدلالة
على أن الرواية من الرسول النبي عليه الصلاة والسلام، ومثله [السّنّة] التي تدلّ
على معنى أوسع وهي كل ما صدر عن الرسول النبي عليه الصلاة والسلام، وهذا لا مشاحة
فيه، لأنه من باب التلقيب والتبويب، والترتيب. بالرغم من أن مفهوم [السنّة] في
القرآن لا يفيد هذا المعنى.
إذ ليس شرطًا أن يكون المصطلح المصكوك موافقًا
لمصطلح القرآني، بل يجدر أن يكون جديدًا يستكمل دوائر التجديد، كما رأينا في منهج
القرآن في استعماله هذه التقنية.
لذا من التحجّر الوقوف على مصطلحات القرآن وسحبها
إلى كل الأعصار، فهذه حرفية ما بعدها حرفية، لكن من المهم جدًا فهم الآتي: أن بعض
المصطلحات الشائعة اليوم لا تعني المصطلح القرآني وإن كان اللفظ قرآنيًا، مثلاً
[الحجاب] في المصطلح الشائع يعني غطاء الرأس عند المرأة، أما في القرآن يعني
الحاجز بين شيئين.
ولا بأس بمصطلح [الحجاب] بالمعنى الشائع على أنه
ليس قرآنيًا بل هو [الخِمار] وهو ما يغطي الرأس.
النتائج:
1.
لا بأس في صكّ المصطلحات أو التعبيرات، حيث [لا
مُشاحة في اصطلاح].
2. الإبداع والتجديد يكون في أحد صوره ابتكار
المصطلحات. [المنهج القرآني].
3.
المصطلحات الشائعة قد تخالف المصطلحات الفرآنية.
[لذا وجب التفريق بين المصطلح الشائع والقرآني].
إن المنهج المقاصدي يراعي التغيّرات في المفاهيم
والمصطلحات، ولا يجمد على المصطلح القرآني، لأن غاية المنهج هو المقصد لا اللفظ،
كما يراعي التغيّرات في مسار فهم النصوص.
بوركتم جميعًا
ولكل مجتهدٍ نصيبٌ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق