يزعم بعض المثقفين أن محاولة
البرهنة على وجود [الخالق] تتساوى مع محاولة البرهنة على نفي وجود [الخالق]،
بالتالي لا يمكن للمثبت لوجوده أو النافي له أن يقيم حجّةً وبرهانًا عقليًا على ما
يميل إليه، إذ لا مدخل للبرهان في إثبات أو نفي [الخالق]، ويبقى الأمر تابع
للتجربة الروحية الخاصة أو الجمعية التقليدية. فالإيمان بـ[الخالق] ليس أمرًا قابلًا للإدراك الذهني.
والحقيقة أن البرهنة على وجود [الخالق] تثبت بمجرّد التساؤل عن وجوده، فلو لم يكن للـ [الخالق] محلّ للتساؤل في الذهن لما كان موجودًا، ومما يثبت وجود [الخالق] وجود [المخلوق] نفسه، وما يصدر عنه من تساؤلات أهمّها (من الذي خلقني)؟.
لذا فمقولة أن المثبت لوجود [الخالق] والنافي له لا حجّة علميّة لهما كلام غير دقيق عند التحقيق، بل الأصحّ أن لا دليل علمي على معرفة ماهيَة هذا [الخالق].
ولعلّ القائلين بهذه المقولة
يريدون أن يقدّموا فرضية أن الإيمان بـ [الخالق] هو مجرد مشاعر وأحاسيس روحيّة
فردية أو جماعية، لا أساس للمنطق العلمي فيها، والواقع بحسب نظرهم يشهد لهذا، فقد
نجد المؤمن لا يعرف المنطق ولا خبِرَهُ، وغير المؤمن عارف بالمنطق، ونجد بعض كبار العلماء مؤمنين وبعضهم غير ذلك، وبعض كبار المؤمنين لا يعرفون المنطق العلمي وبعضهم يعلم. فلا ترابط
بين الإيمان والعِلم، من حيث الواقع، فقد نجد عالمًا غير مؤمن، ونجد مؤمنًا غير عالم.
إن الافتراض وإعطاء الحكم الناتج عن الواقع لا يخرج عن التوصيف، فالواقع والإحصائيات إنما هي في مقام التوصيف، ومعلوم أن العلم الإحصائي لا يعطي حكمًا بل يعطي مؤشرات.
ولما كان الواقع كما قالوا أو
نقلوا أي لا تلازم بين العلم والإيمان واقعًا، فهذا لا يعني أن الإيمان بـ[الخالق]
لا يربطه البرهان العلمي كما تقدّم.
لذا فوجود [الخالق] وإثباته قائم وله دلائل علميّة كما سبق، ولا خسارة فيمن آمن بـ [الخالق] وفق "رهان باسكال" المتعلّق باحتمالات وجود [الخالق] أو عدمه:
الخالق موجود | الخالق غير موجود | |
---|---|---|
الإيمان بالخالق | ربح لا محدود في الجنة | خسارة غير مهمة |
عدم الإيمان بالخالق | خسارة لا محدودة في النار | ربح غير مهم |
- إن آمنت بالخالق وكان الخالق موجودًا، فسيكون جزاؤك الخلود في الجنة، وهذا ربح لامحدودة.
- إن لم تؤمن بالخالق وكان الخالق موجودًا، فسيكون جزاؤك الخلود في جهنم، وهذه خسارة لامحدودة.
- إن آمنت بالخالق وكان الخالق غير موجود، فلن تُجزى على ذلك، وهذه خسارة محدودة.
- إن لم تؤمن بالخالق وكان الخالق غير موجود، فلن تُعاقب لكنك ستكون قد عشت حياتك، وهذا ربح محدود.
وأخيرًا فإن وجود [الخالق] تعالى وإثباته قائم على أدلة منطقية، والإيمان به مكسبٌ وانسجامٌ على قانون الاحتمالات في الحياة وبعد الممات.
بوركتم جميعًا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق