إشكالية نظرية [كل شيء] ويفهمها معظم العارفين
بعلم اللغة!!
يرى الكثير من المفكرين المسلمين أنّ
"القرآن المجيد" كتاب يُبيّن [كلّ شيء] وفي نفس الوقت يفهمُهُ كل عارف
باللغة، وعند التطبيق نجد أن القرآن الكريم لا يُبيّن [كل شيء]، فهل الإشكال في
فهمه؟
من خلال التأمل في آيات التنزيل نجد أن
"الكتاب المُبين" تبيانٌ لــ[كلّ شيء] قال تعالى: "وَنَزَّلْنَا
عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ
شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً
وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ". النحل: 89. ونجد أنه مُيسّرٌ للذكر قال تعالى:
"وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ".
القمر: 17،22، 32، 40.
والواقع أنه لا يُفسر [كل شيء]، فإما الخللُ
في الفهم، أو أننا بحاجة إلى من يُبيّنه لنا. وأفضل شخص قادر على تبيانه (شرحه) هو
الرسول النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال تعالى: "وَأَنزَلْنَا
إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ
يَتَفَكَّرُونَ". النحل: 44. وقال تعالى: "فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ
بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ". الدخان: 58. علمًا بأنه صلى
الله عليه وآله وسلم لم يقم بتحليل كل آيات القرآن الكريم.
وهنا تكمُن الإشكالية، فهل علينا إعادة فهم
تركيب [كلّ شيء]، أم علينا إعمال أدوات الفهم والتدّبر، علمًا بأن القرآن بلسان
العرب وهو مُيسّر للذكر؟
ما أراه في خِضمّ هذه
التساؤلات،وبعد التأكيد على أن الرسول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يقم
إلا بتحليل آيات قليلة منزورة من القرآن الكريم، وبعد تقرير أن القرآن الكريم
بلسان قومه الرسول النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وحقيقة أن القرآن ميسّرٌ للذكر،
لم يبقَ لنا إلا إعادة فهم دلالة [كلّ شيء]، والتي أراها نسبية-بمعنى بالنسبة إلى
كذا- وأن لفظ [شيء] يدلّ على ما شمله التبيان، لا بمعنى التبيان لكل الوجود.
وهذا نظير قوله تعالى عن التوراه: "
ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِّكُلِّ
شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً
لَّعَلَّهُم بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ". الأنعام: 154. وقوله
تعالى: "وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِن
كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً
وَتَفْصِيلًا لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ
يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ". الأعراف: 145.
فلفظ "تفصيلاً [لكل شيء] بمعنى كل شيء
مما ينبغي تفصيله، ولا يصحّ أن يُقال إن التوراه فعليًا فيها تفصيل كل شيء في
الوجود. ومثلها في قوله: "مِن
كُلِّ شَيْءٍ”.
لذا يمكن القول إن القرآن الكريم فيه تبيانٌ لما ينبغي تبيانه، وهذا لا يعني أنه
يشمل تفاصيل الحياة والموجودات، بل فيه أصول وقواعد منهج التعامل مع الإنسان
والكون.
كما أنه لا محلّ للاستدلال بقوله تعالى:
"مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ
يُحْشَرُونَ". الأنعام: 38. للتأكيد على شمولية القرآن لـ[كل شيء]، فالكتاب
هاهنا المقصود منه [اللوح المحفوظ].
بوركتم جميعًا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق