الجمعة، 18 أبريل 2014

جدلية "المُلك" و"الخُلُق"

جدلية "المُلك" و"الخُلُق"

تطرّق القرآن الكريم إلى قضية "الخلود" بمعنى عدم التعرّض للموت والبقاء في الحياة حتى نهايتها، فقد تعرّض لها من خلال قصة "آدم" وما عُرف فيما بعد بـ"إبليس"، فـ"الإنسان" يعتلجه شعور بالرغبة في البقاء في هذه الدنيا، والتنعّم بخيراتها، لكن القرآن الكريم أوضح أن هذه الدنيا حقيقةً قليلة المتاع، وأن الآخرة لهي الحيَوَان. مثّلت هذه المشاعر نقطة ضعف "الإنسان" والتي خبِرها "الشيطان" من أول يوم. فأراد إغواء "آدم" من خلال مفهوم "الخُلد" و"المُلك". وبهما هبط "آدم". لكن الفرصة ما زالت حاضرةً وهي "الخلود الأخروي" و"المُلك اللانهائي المقيم". من خلال التعلّق بـ "حبل الخالق" وهو كتبُ الله تعالى ورسالاته وآخرها "القرآن المجيد".

ربح الشيطان "الخلود الدنيوي" فاكتسب المهارات، وتقدّم في الأساليب، وتملّك "السلطان" هو وأتباعه معظم الشريط الزمني و الحضاري، لكنه لم يملك سلطةً على "أتباع الحقّ" الذين لم يؤثروا الحياة الدنيا. ولم يبحثوا عن "المُلك". وتعلّموا الدرس من أبيهم، فلم يأكلوا من "الشجرة" التي تكشف السوءة. وتزيل اللباس، وتذكي الفتنة.
تلكم الشجرة "الفاتنة" ثمارها حلوة، وعواقبها ماحقة. من ذاقها تلبّسه الكذب والخداع والمكر والافتراء وجمّل له "الشيطان" ذلك وزيّنه.

خسر الشيطان الخلود والمُلك الأخروي، لكن "الخالق" أعطاه الاستغناء عن "آدم" وذريّته فلن يكون لحظةً تحت سيطرته كليًا، وهذا ما فهِمه الشيطان من أول لحظة فطلب "الخلود" حتى لا يكون تحت سيطرة "آدم". فهو بذلك ضمِن البقاء في هذه الدنيا بالإضافة إلى تراكم خبراته، وأهمها عدم خضوعه لـ"الإنسان" فحالة العداء مستمرة. إلى انتهاء المشهد.

والإنسان يبقى فيه حبّ العاجلة الدنيا وشهواتها، ويبقى يبحث عن المُلك، ليخضع تحت سيطرة "الشيطان" فيهوي من رحمة "الخالق".

لذا فالشيطان وإن حصل على "السلطة" لكنها غير مكتملة قال تعالى: "إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلًا". الإسراء: ٦٥.
والإنسان وإن كان فيه نقاط "ضعف" فإنها غير مستحكمة فلديه "المنهج الرباني". قال تعالى: "فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ". طه: ١٢٣. وقال أيضًا: "فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ". البقرة: ٣٨.

فإذا سعى الإنسان نحو "المُلك" زيّن له الشيطان ذلك وسهّل له المخالفات وبرّرها، وبحث لها عن شرعية. وتبقى نقطة ضعف الإنسان وعقدته وهي البحث عن "المُلك" بمستواته، فمن بحث عنه غُرّر به إلا من أيّده الله تعالى -كسليمان عليه السلام- ومن أُعطيَه فهذا من فضل الله تعالى عليه ليبلوَه أيشكر أم يكْفُر.

بالإمكان القول: [طلبُ المُلْك مذهبٌ للخُلُق]، والواقع يشهد لهذا.



بوركتم جميعًا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق