جدلية
[المثال] و[الواقع]
يصارع
المثقف العربي أفكاره وإرادته للوصول إلى [المثال]، بعضهم يراه في
"الحاضر" الذي يمتلكه "الآخر"، والبعض يراه في
"الماضي" الذي ملك ناصيته "الأنا" (القرون الثلاث الأولى)،
فاتجاه يلغي الماضي ويطوي صفحته، واتجاه يتمسّك بالماضي وجلدته.
وكلا
الاتجاهيْن غير سليميْن، فالأول يقفز عن طوره ويخلع ثوبه ويتخلّى عن جذوره، وثاني
يرجع بالجغرافيا إلى الماضي، ويسحب التاريخ الماضي إلى الحاضر، فكلا الاتجاهيْن
مُناقض للسُّنن.
ولكي
نفضّ الاشتباك الحاصل بين الاتجاهيْن، لا بدّ من تفكيك مصطلح أو مفهوم [المثال]،
ونطرح تساؤلاً هامًّا بعد ذلك؛ وهو هل "المثال" منحصرٌ في زمان، أم هي
قيَم إنسانية معيارها "الالتزام"؟؟
ولا بدّ لنا أيضًا من تحليل [الواقع] ما هو؟
ولا بدّ لنا أيضًا من تحليل [الواقع] ما هو؟
إذا
كان بالإمكان القول إن "المِثال" هو مجموعة القيَم الإنسانية، وأنها
ليست منحصرة في زمن من الأزمان، أو مكان دون مكان، وقد تتركّز في مكان أو زمان ما،
فإن "المسلم" مطالب بالأخذ بها والتعاون في سبيلها.
فـ[المثال]
في معناه الفلسفي لا يدخل فيه أشكال اللباس أو وسائل النقل أو تصميم البيوت أو
المظاهر المادّية بل يدخل فيه السلوكيات والأخلاقيات ومن هنا يُقال (مُتُلٌ
عُليا). وبناءً على ما تقدّم فالاتجاه الأول الذائب في "الآخر" تبرق
عيناه للمعان التكنولوجيا فهو (مهزوم). والاتجاه الثاني عند عودته إلى الماضي
ويتبّع الأشكال والصور فهو (ضعيف). لذا فالاتجاهان متوقّفان عند الأشكال والصور
على نحو مختلف.
والمؤمن
القوي هو من يأخذ بالقيَم الإنسانية التي نادى بها القرآن الكريم، وهي حاضرة في
معظم بلدان الغرب، وغائبة عند كثير من بلدان العرب والمسلمين، فهو متمسّك بقيَم
الماضي من حيث "التنظير" ومتطلّع إلى الحاضر الواقع من حيث التطبيق. فلا
هو ضعيف ولا هو مهزوم بل حنيفًا مسلمًا.
بوركتم
جميعًا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق