الأحد، 27 أبريل 2014

تحليل سورة "العاديات"

تحليل سورة العاديات ..الغزو 

(1)
وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا 
 فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا 
 فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا
 (2)
 فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا 
فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا 
(3)
إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ      (جذر "ك ن د" فقط ورد هنا).
وَإِنَّهُ عَلَىٰ ذَٰلِكَ لَشَهِيدٌ 
وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ      =("فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّىٰ تَوَارَتْ                                          بِالْحِجَابِ").﴿ص: ٣٢﴾
 (4)
أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ 
وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ 
إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ 



المقطع الأول:
محور السورة هو [الإنسان الغازي الظالم]، وتتطرّق إلى الحديث عن التجارة والارتزاق من خلال الإغارة بالخيول على مضارب القبائل وخيَمهم. فالارتزاق بطريق الإغارة يتطلب خيولاً قوية، سريعة ففي الآيات وصف لنفسها كناية عن سرعتها ونشاطها، ووصف لحوافرها كناية عن صلابتها وقوتها في دكّ الأرض، ووصف لزمان الإغارة. وهو الصبح.






المقطع الثاني:
إن المقصود من عمليات الإغارة التكثّر بما ليس عند الغازين، ففي السورة تصوير لمشهد الغزو حيث تبدأ الإغارة بتجمّع الخيول الغزية القوية السريعة، التي تؤدي إلى جعل الخيام أعلاها أسفلها، وقد تؤدي ببعض المُغار عليهم أو المغيرين إلى القتل والدفن. ثم بعد ذلك يتم توزيع الغنائم بين الجمع المغيرين. فهذا النوع من الكسب فيه مخاطرة كبيرة وفي نفس الوقت فيه مكاسب هائلة. وقد كان  بعض العرب يرتزق بهذا اللون من الارتزاق.

 


المقطع الثالث:
هنا يظهر الخطاب جليًا وهو [الإنسان] الذي تلبّس بهذا اللون من الارتزاق. فبالرغم من أن الإنسان هذا يعلم أنه عمله إجرام واكتساب غير مشروع، لكنه يقوم بذلك.!! "بَلِ الْإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ". القيامة: 14.

فالخيل محببة إلى الرجل الصحرواي التي ينبغي أن تخدمه في أعماله الشريفة، إلا أنه يستغل سرعتها ومهاراتاها في الغزو والاكتساب غير المشروع. وعليه فقِسْ. فالآية من باب ضرب المثل.
فالإنسان الغازي المعاصر يستغل التكنولوجيا والتطور العلمي في سبيل الغزو واستنزاف خيرات الشعوب.




المقطع الرابع والأخير:
وهنا قمة البلاغة..فكما أن هذا [الإنسان المغير] الذي يبعثر خيام الناس وبيوتهم الآمنة، فهلا يعلم أنه يومًا ما سيُبعثر عظمه في القبر؟؟ وأنه كما يسرق أموال الناس غيلةَ ويكتنز بها سرقةً ستجمع أعماله يوم القيامة!!

وأخيرًا يقول تعالى مقرّرًا: "إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ".أي أن الله خبير بهم في ذلك اليوم وفي غيره، والمراد أنه يجازيهم على كفرهم في ذلك.

إن السورة الكريمة تجسّد صورة  من أنماط [الإنسان] الذي يستخدم الأدوات في سبيل الشرّ والاعتداء مع أنه يعلم في قرارة نفسه أنه غير منسجم وخارج عن نطاق العقل السويّ حيث ناقض -تصميمه الداخلي- أو البرنامج الذي ركّبه عليه [الخالق]، والسبب الباعث على هذا هو شهوة "الاكتساب" السريع، فاستعان بوسيلة مشروعة لغاية غير مشروعة فيها إيذاء للآخرين، في سبيل تحقيق شهوة الكسب الهائل السريع، هذا النوع من [الإنسان] الذي لم يعدّ في حقيقة الأمر إنسانًا بل صار وحشًا، فالآيات الكريمات توصف قطاع من قطاعات الحياة في البيئة الصحرواية، كمثال للمخاطب آنذاك ويبقى الأمثلة عليه مفتوحة مع تقدّم الزمان، وقد جاءت الآيات الكريمات لتقرّر قضية البعث، والمحاسبة يوم الحساب،ولما كان هذا النمط من الكسب فيه ظلم للآخرين، فإن الظالم لن يهرب من المسئولية في النهاية، فله يوم يحاسب عليه، لذا فـ[الخالق] (الربّ) خبير بهم يجازيهم بأعمالهم يوم القيامة.

 بوركتم جميعًا




 ملحق ببعض معاني الكلمات الواردة في السورة.

* والنّقَّاع: الرَّجُل يَتكثَّر بما ليس عنده. مقاييس اللغة.
* والنَّقْعُ الماءُ الناقِعُ أَي المُجْتَمِعُ. لسان العرب.
* أَنْقَعْتُ الرجُلَ إِذا ضَرَبْتَ أَنْفَه بإِصْبَعِكَ، وأَنْقَعْتُ الميِّتَ إِذا دَفَنْته، وأَنْقَعْتُ البَيْتَ إِذا زَخْرَفْتَه، وأَنْقَعْتُ الجاريةَ إِذا افْتَرَعْتَها، وأَنْقَعْتُ البيت إِذا جَعَلْتَ أَعلاه أَسفلَه. لسان العرب.
* وامرأَة كُنُدٌ وكَنُود: كَفور للمواصل. لسان العرب.



هناك تعليق واحد:

  1. من فين أخذت هذا التفسير ؟
    يجب عليك التحقق من التفسير الصحيح قبل النشر لا تفتي ما ليس لك به علم.

    ردحذف