يبدأ "الإنسان" حياته في "جبرية" مطلقة في مرحلة "التوريث" كتحديد الجنس، والصفات البيولوجية، واللون، والأسرة وما يتعلق بها من ثقافة أو تصوّر أو ديانة أو وطن. أو غنى أو فقر، أو طبقة اجتماعية. فلا خيار للإنسان في مرحلة "التوريث" حيث استحكمت "الجبرية" قبضتها عليه. قال تعالى: "هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ". آل عمران: 6.
ثم يتدرّج "الإنسان" غالبًا إلى مرحلة الاختيار و القدرة على "المشيئة والإرادة" وهي مرحلة "التكسب" كالعلم بالتعلم، وزيادة الزرق بالمشي والطلب...الخ وهذا "التكسب" يكون إما إيجابيًا أو سلبيًا؛ أي في ازدياد أو نقصان. لذا يتحرّر الإنسان من سلطات "الجبرية" في مرحلة "التكسب" لكن لا تنفك "الجبرية" عن الإنسان نهائيًا بل تنكمش إلى مركزها وهو القلب وحركة العضلات "اللاإرادية" إذ تفرض سيطرتها على الإنسان رغمًا عنه.
كما ليس للإنسان أن يغيّر السنن الكونية كظاهرة الشروق من الشرق أو الإبقاء على النهار أو الليل أو تغيير ظاهرة غروب الشمس من مغربها، فهو خاضع لتلك السنن بالرغم من تفوّقه على سائر المخلوقات إلا أنه محكوم تحت سقف ما، فالكون مسخّر للإنسان، وقدرة "الإنسان" محكومة بما لا يُناقض "البرمجة" الذي ركّبه "الخالق" فيه. فلا يستطيع المرء مثلاً الطيران بلا أدوات، ولا يستطيع الغوص من غير مساعدة آلة تنفس في المياه لمدة نصف نهار. لكن "الإنسان" بما وُهب من لياقات يستطيع تسخير القوانين والسنن وتسليط بعضها على بعض بما يحقق مصالحه من طلب لمنفعة أو لذّة أو دفع لضرر أو ألم أو مشقة.
ولما كان "الخالق" قد ركّب "الإنسان" على نحو خاص إذ جعل له "حرية الاختيار" و"الإرادة" وحمّله المسئولية نتيجة ذلك "خليفة في الأرض"، فإن ما يكسبه "الإنسان" راجع في أصله إلى نوعين:
النوع الأول: "التكسّب الذاتي".
ما يكسبه "الإنسان" لنفسه نتيجة عمل قام به بذاته. فمثلاً قام بحراثة الأرض وبذر البذور والسقي فهذه كلها "أسباب" الزراعة، فكسب بعمله هذا "الثمار". فهذه النتيجة جزاء جهده. إذ استعان بالمواد "المخلوقة" ضمن العلاقات والأسباب التي وضعت لأجلها، ثم تجنُّب "الموانع" مما يضر عملية الزراعة من إهمال، أو ما لم يتعرض الزرع لآفة "بيئية خارجة" عن قدرة الإنسان وحسبانه.
لذا فالتكسب نتج عن: مجهود إنساني (إعمال ذهني أو بدني) (فردي، أو جماعي منظم)+ ربط العلاقات والأسباب [دوافع]+ تجنب ما يفسد المجهود [موانع]+ عدم التعرض لكوارث "حركة كسب بيئية" سلبية (خارجة عن القدرة –زوابع أو انجرف أو زلزال أو إعصار-، أو لم تكن بالحسبان [تقصير في المعلومة أو الوعي].
ويفشل "التكسب" نتيجة:
غياب المجهود الإنساني (إعمال ذهني أو بدني)/ (فردي، أو جماعي منظم)+ عدم ربط العلاقات والأسباب [دوافع]، أو عدم تجنب ما يفسد المجهود [موانع]،
أو التعرض لكوارث "حركة كسب بيئية" سلبية (خارجة عن القدرة –زوابع/ جرف/ زلزال/ إعصار-، أو لم تكن بالحسبان [تقصير في المعلومة أو الوعي].
فقانون التكسّب:
التكسب= المجهود+ الأسباب+ الدوافع+ انتفاء الموانع (الداخلية والخارجية).
وقانون عدم التكسّب يحدث بأحد الصور الآتية:
1- عدم تكسب= عدم المجهود.
2- عدم تكسب= المجهود+عدم الأسباب. (لكن قد يحصل تكسب خارجي)
3- عدم تكسب= المجهود+ الأسباب+ انتفاء الدوافع. (لكن قد يحصل تكسب خارجي)
4- عدم تكسب= المجهود+ الأسباب+ الدوافع+ عدم انتفاء الموانع (الداخلية والخارجية).
فأي نقص في أي عامل من عوامل "التكسّب" تكون النتيجة "الفشل".
النوع الثاني: "التكسب الخارجي"
ما اكتسبه نتيجة فعل "خارج عنه" بحيث يكون الإنسان في موضع "المفعول به" إيجابًا أو سلبًا، كأن يُهدى إليه بهدية من قبل شخص أو جماعة، بلا شرط أو حسبان منه، أو كأن يأتيه رزق من غير مشي ولا طلب، بلا شرط أو حسبان منه "حركة كسب بيئية" إيجابية من غير حسبان، أو "تكسب خارجي سلبي" كأن يأتيه حجر طائش من أحد رجلين متعاركين، نتيجة عدم انتباهه وعدم انتباه من رمى الحجر، أو كمن سقط في بئر نتيجة عدم انتباهه.
فالتكسب "الخارجي" الإيجابي: مجهود خارجي (ذهني أو بدني)/ (فردي، أو جماعي منظم)، أو "حركة كسب بيئية" (إيجابية) من غير شرط ولا حسبان.
والتكسب "الخارجي" السلبي: مجهود خارجي (ذهني أو بدني)/ (فردي، أو جماعي منظم) مع عدم الانتباه [وعي] (من كل الأطراف)، أو "حركة كسب بيئية" سلبية من غير حسبان.
ويكون التكسب الخارجي بأحد الصور الآتية:
1- تكسب خارجي = عدم المجهود .
ولتجنب التكسب الخارجي السلبي يلزم (الانتباه) من (طرف أو طرفين)
2- تكسب خارجي= عدم المجهود+عدم الأسباب.
ولتجنب التكسب الخارجي السلبي يلزم (الانتباه) من (طرف أو طرفين)
3- تكسب خارجي= عدم المجهود+ عدم الأسباب+عدم الدوافع ولتجنب التكسب الخارجي السلبي يلزم (الانتباه) من (طرف أو طرفين)
تكسب خارجي= "حركة كسب بيئية" (خارجية) سلبية أو إيجابية ولتجنب التكسب الخارجي السلبي يلزم (الانتباه) من (طرف)؛ لأن (الحركة البيئية الخارجية) لا تنتبه.
ومعظم الناس ينهمكون في دائرة "حركة التكسب البيئية" سلبًا، ويهملون "الانتباه" -نقيض "الغفلة"- وهو أحد درجات "العلم" وضده "اللاعلم"، ولا يأخذون بالأسباب (الأخذ بالدوافع وانتفاء الموانع).
ولو أنهم اجتهدوا في "الأسباب" وأعملوا "الانتباه" لكان "التكسب الذاتي والخارجي" الإيجابي في أعلى مستوياته.
علمًا بأن "الخالق" قد شرع "التكافل الاجتماعي" لسدّ الخلة جراء "التكسّب البيئي السلبي".
بوركتم جميعًا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق