الجمعة، 18 أبريل 2014

رأي ابن خلدون في كتب المفسرين

قال ابن خلدون: "وقد جمع المتقدمون في ذلك وأوعوا إلا أن كتبهم ومنقولاتهم تشتمل على الغثّ والسمين والمقبول والمردود. والسبب في ذلك أن العرب لم يكونوا أهل كتاب ولا علم وإنما غلبت عليهم البداوة والأمية، فإذا تشوقوا إلى معرفة شيء مما تتشوق إليه النفوس البشرية في أسباب المكونات وبدء الخليقة وأسرار الوجود فإنما يسألون عنه أهل الكتاب قبلهم وستفيدونه منهم وهم أهل التوراة من اليهود ومن تبع دينهم من النصارى . وأهل التوراة الذين بين العرب يومئذ‏ٍ بادية مثلهم ولا يعرفون من ذلك إلا ما تعرفه العامة من أهل الكتاب ومعظمهم من حِميَر الذين أخذوا بدين اليهودية‏، فلما أسلموا بقوا على ما كان عندهم مما لا تعلق له بالأحكام الشرعية التي يحتاطون لها مثل أخبار بدء الخليقة وما يرجع إلى الحدثان والملاحم وأمثال ذلك . وهؤلاء مثل كعب الأحبار ووهب بن منبه وعبد الله بن سلام وأمثالهم.

فامتلأت التفاسير من المنقولات عندهم في أمثال هذه الأغراض أخبارًا موقوفة عليهم وليست مما يرجع إلى الأحكام فيتحرّى في الصحة التي يجب بها العمل. وتساهل المفسرون في مثل ذلك وملؤوا كتب التفسير بهذه المنقولات. وأصلها كما قلناه عن أهل التوراة الذين يسكنون البادية ولا تحقيق عندهم بمعرفة ما ينقلونه من ذلك إلا أنهم بعد صيتهم وعظمت أقدارهم لما كانوا عليه من المقامات في الدين والملة فتلقيت بالقبول من يومئذٍ".

انظر: ابن خلدون، المقدمة، جـ1، ص252.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق