يقدّم القرآن الكريم للـ [الإنسان] الواعي طريقًا ومنهاجًا له في مرحلة عالم الحياة الدنيا والذي بناءً عليه تكون الحياة الأخرى معتمدةً عليه، هذا المنهج "الهُدى" الذي صمّمه [الخالق] تعالى يتوافق معه تصميم [المخلوق].
على أن هذا "الهُدى" صراط واحد في فترة [المخلوق] المخاطب به، إذ أن "الهُدى" -المنهج- يختلف عبر الأعصار والأزمان، قال تعالى: "لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّـهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّـهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ". ﴿المائدة: ٤٨﴾.
فالشرائع متعدّدة مختلفة وغايتها [إقامة الدين] وعدم التفرق فيه. قال تعالى: "شَرَعَ لكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّـهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ". ﴿الشورى: ١٣﴾
وقال تعالى: "ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ". ﴿الجاثية: ١٨﴾
وعليه يكون صراط "الهُدى" واحدًا مستقيمًا منسجمًا مع تصميم [المخلوق]، لذا عبّر عنه القرآن الكريم
((السبيل)). قال تعالى:"إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ".﴿الانسان: ٣﴾
وورد بصيغة الجمع مضافًا إلى الله [الخالق] تعالى أو ضمير عائد إليه في كل مرّة.
قال تعالى:
"يَهْدِي بِهِ اللَّـهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ
إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ". ﴿المائدة:
١٦﴾
"وَمَا لَنَا أَلَّا
نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّـهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَىٰ مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى
اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ". ﴿إبراهيم: ١٢﴾
"وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّـهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ". ﴿العنكبوت:
٦٩﴾
وعبّر عن نقيض صراط"الهُدى" بصيغة الجمع ((السُّبُل)) قال تعالى:
"وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ". ﴿الأنعام: ١٥٣﴾
وعليه تكون الهداية من [الخالق] تعالى ومهمّة النبيين عليهم السلام هي الإرشاد إلى صراط واحد مستقيم، فـ [الخالق] تعالى لا يهدي إلا إلى ((السبيل)) و[المخلوق] إما أن ينسجم ((يشكر)) أو يجحد ((يكفر))، والشيطان وأعوانه يهدون إلى ((السبل)) ويغوون [المخلوق] "المتعادل" على خطوات وخطط. قال تعالى: "ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ". ﴿الأعراف: ١٧﴾.
الآيات الكريمات التي تُبيّن أن "الشكر" نقيضه "الكفر":
- "وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ". ﴿إبراهيم: ٧﴾
- "قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَـٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُلِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ". ﴿النمل: ٤٠﴾
- "إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّـهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ".﴿الزمر: ٧﴾
- "قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَالشَّاكِرِينَ". ﴿الأعراف: ١٤٤﴾
- "بَلِ اللَّـهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ". ﴿الزمر: ٦٦﴾
- "إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ".﴿الانسان: ٣﴾
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ وَاللَّـهُ بِمَا
تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴿التغابن: ٢﴾
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق